العناوين المنتزعة من نفس الفعل من حيث هو المؤثرة في تعلق القصد بايجاده كالتبريد والتسخين والغسل وغير ذلك من الأمثلة التي استشهد بها فهو واضح البطلان وان أراد أن الفعل لا يستند إلى الفاعل المختار بان يكون فعلا اختياريا له الا بالعناوين المقصودة والا يوجد الفعل بجميع عناوينه قهرا بمجرد حصوله في الخارج الا انه لا يقال إن الفاعل فعله باختياره الا بالعنوان الذي قصده وبهذا العنوان يترتب عليه اثاره المتوقفة على الاختيار كاستحقاق المدح والثواب والذم والعقاب واتصافه بالحسن والقبح من حيث كونه عملا للفاعل فهو حق صريح ولكنه لا يجدى في حل ما أشكل على الأصحاب الاستدلال عليه لان الشأن أولا في اثبات ان كون الفعل بعنوانه الواقع في حين الطلب اختياريا الذي هو من شرائط الإطاعة من مقومات المطلوب وانه لا يسقط الطلب الا بحصوله عن قصد وإرادة فانا لا نرى فرقا بين أن يقول الشارع إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق [الخ] أو يقول اغسلوا أثوابكم من أبوال مالا يؤكل لحمه فاثبات ان الأول لا يسقط طلبه الا مع القصد دون الثاني يحتاج إلى إقامة برهان زائد على هذه العبارة المشتركة بين التكليفين * (و) * ثانيا ان هذا المقدار من القصد الموجب لصيرورة الفعل بعنوانه الواقع في حين الطلب اختياريا لا يكفي في وقوعه عبادة كما ستعرف وان أراد أن الفعل لا يستند حقيقة إلى الفاعل الا بعنوانه المقصود فالغسل لا يضاف حقيقة إلى الفاعل الا إذا قصده فيدل على وجوبه نفس الخطاب الدال على وجوب الغسل عليه لكن علم من الخارج سقوط الطلب في التوصليات بمجرد حصول المتعلق وإن لم يستند إلى الفاعل فهو الفارق بين المقامين ففيه بعد التسليم ان قصد ايجاد الفعل بعنوانه الذي تعلق به الطلب بل ولو بعنوان كونه مطلوبا مع قصور اللفظ عن ايجاب ايجاده بهذا العنوان كما ستعرف في محله [انش] غير قصد القربة والإطاعة المعتبر في مهية العبادات فقصد ايجاد الفعل بعنوان كونه غسلا مثلا أو كونه هو الغسل الواجب لغرض من الأغراض غير داعى القربة والامتثال يجعله * (فعلا) * اختياريا صادرا عن المكلف بعنوانه المقصود لكنه لا يصحح وقوعه عبادة ما لم يقصد بفعله الامتثال والتقرب فالنية المبحوث عنها في باب الوضوء ونحوه هي هذه النية المعتبرة في العبادات لا النية الموجبة لصيرورة الفعل فعلا اختياريا مستندا إلى المكلف وما افاده [قده] بمعزل عن اثباته * (نعم) * لو دل دليل على أنه يشترط في صحة المأمور به حصوله في الخارج بعنوان كونه إطاعة اتجه [ح] الاستدلال لاعتبار قصد العنوان بما ذكره لكنك عرفت أنه على هذا التقدير لا حاجة إلى تجشم الاستدلال له بالمقدمات البعيدة بعد شهادة العرف والعقل بكون القصد من مقومات مفهوم الإطاعة وانها عبارة أخرى عن ايجاد الشئ بقصد الامتثال وكيف كان فلنشرع فيما نحن بصدده * (فنقول) * إذا تعلق امر الشارع بفعل شئ فهل الأصل والقاعدة الأولية أو الثانوية التعبدية يقتضى اشتراط اتيان المأمور به بعنوان ان الإطاعة في سقوط الامرام يقتضى سقوطه بمجرد ايجاد المأمور به في الخارج ولو لم يكن بداعي امتثال الامر * (وجهان) * بل قولان ما يمكن ان يستدل به للأول * (أمور) * الأول ان المتبادر من امر المولى عبده بشئ ايجاب ايجاده لأجل انه امره فحصول الاجزاء بمجرد تحققه في الخارج لا بداعي الامر خلاف ظاهر الامر * (وفيه) * ان دعوى استفادته من مدلول الخطاب فاسدة جدا اما أولا فلان المادة في الطلبات موضوعة لمعانيها الواقعية والطلب انما تعلق بايجادها بعناوينها المخصوصة بها الواقعة في حين الطلب واما كونها بعنوان الإطاعة والامتثال فهو تقييد آخر في الواجب لا يستفاد من المادة ولا من الهيئة فكيف يصح استناده إلى ظاهر الدليل * (و) * ثانيا ان الاستفادة من نفس ذلك الخطاب غير معقولة لأن مرتبة الإطاعة متأخرة عن الطلب المتأخر رتبة عن موضوعه فلا يعقل اخذها قيدا للكلام فضلا عن اعتبارها عنوانا للموضوع فلو فرض اعتبارها في الواجب فلا بد من أن يكون بدليل آخر وبما ذكرنا ظهر ما في عكس هذا التوهم وهو الاستدلال باطلاق الكلام لنفى اعتبار قصد الإطاعة واثبات ان الأصل في الواجب كونه توصليا توضيح ما فيه أن الاستدلال باطلاق الكلام فرع صلاحيته للتقييد حتى يكون ترك القيد دليلا على عدم ارادته وقد عرفت امتناع اخذه قيدا في الخطاب فلا يصح التمسك بالاطلاق * (الأمر الثاني) * حكم العقل بوجوب الإطاعة الواجبات وهي عبارة عن اتيان المأمور به بقصد الامتثال وفيه أن حكم العقل بوجوب الإطاعة فرع بقاء الوجوب وعدم سقوط الامر بحصول ذات الواجب في الخارج وهذا مبنى على كون الإطاعة من حيث هي مقصودة للامر في أوامره وكونها بهذه الصفة مما لا يدركه العقل وانما يحكم بوجوبها توصلا إلى اسقاط التكليف بايجاد المكلف به على نحو تعلق به غرض الامر ولذا لو علم بحصول غرضه في الخارج ولو من غير هذا الشخص كما في التوصليات لا يحكم بوجوب الإطاعة لا لكونه تخصيصا في الحكم العقلي أعني وجوب الإطاعة بغير التوصليات بل لكون حكم العقل بالوجوب مقدميا فيرتفع عند حصول ذي المقدمة والمفروض عدم دلالة الخطاب على وجوب ما عدا المادة وعدم نهوض دليل اخر على اعتبار عنوان الإطاعة في قوام مهية الواجب الواقعي الذي تعلق غرض الامر بتحققه في الخارج على ما سيتضح تصويره في الواجبات التعبدية فالأصل عدم وجوبه واعتباره في مهية الواجب ولا نعنى بالأصل أصالة الاطلاق حتى يتوجه علينا فساده في حد ذاته أولا
(٩٦)