في بلدكم هذه قال يتوارى خلف الجدار ويتوقى أعين الجار وشطوط الأنهار ومساقط الثمار ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها [فح] يضع حيث يشاء وفي وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي (ع) قال وكره البول على شط نهر جار وكره ان يحدث انسان تحت شجرة أو نخلة قد أثمرت وكره ان يحدث الرجل وهو قائم إلى غير ذلك من الاخبار وظاهر غير واحد منها اختصاص كراهة البول تحت الشجرة بما إذا كانت الثمرة فيها بالفعل ولعل وجه الاختصاص في هذه الأخبار كون الكراهة [ح] أشد فلا ينافي كراهته مطلقا كما هو مقتضى اطلاق بعض النصوص والفتاوى وظاهر النواهي الواردة في هذه الأخبار حرمة التخلي في هذه المواضع ولكنه يتعين صرفها بقرينة الشهرة ونقل الاجماع مضافا إلى ما فيها من الاشعار بكونها مسوقة لبيان الآداب والسنن لا الغرائم بل لعله هو المتبادر إلى الذهن من صحيحة عاصم كما يؤيده التعبير في بعضها بلفظ الكراهة * (ويؤيده) * أيضا خلو مرفوعة علي بن إبراهيم ورواية الاحتجاج عن جملة من الأمور التي تعلق بها النهى في سائر الأخبار ويؤيده أيضا ظهور حكمة النواهي ومناسبتها للكراهة دون التحريم والله العالم * (ومما) * يدل على كراهة التخلي على القبر وبين القبور رواية إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن موسى (ع) قال ثلثه يتخوف منها الجنون التغوط بين القبور والمشي في خف واحد والرجل ينام وحده وخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال من تخلى على قبر أو بال قائما أو بال في ماء قائما أو مشى في حذاء واحد أو شرب قائما أو خلا في بيت وحده أو بات على عمر فأصابه شئ من الشيطان لم يدعه الا ان يشاء الله واسرع ما يكون الشيطان إلى الانسان وهو على بعض هذه الحالات * (ويكره) * أيضا استقبال قرص الشمس والقمر بفرجه ففي رواية السكوني عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه (ع) عن ابائه (ع) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يستقبل الرجل الشمس والقمر بفرجه وهو يبول وفي رواية أخرى عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يبولن أحدكم وفرجه باد للقمر يستقبل به وفي حديث المناهي قال ونهى ان يبول الرجل وفرجه باد للشمس أو القمر وعن الكليني أنه قال وروى أيضا لا تستقبل الشمس ولا القمر وظاهر المصنف وغيره اختصاص الكراهة بالاستقبال دون الاستدبار ولكنه روى في الفقيه مرسلا لا تستقبل الهلال ولا تستدبره يعنى في التخلي وصريحها كراهة الاستدبار أيضا ولكنه نقل عن شرح الارشاد للمفخر دعوى الاجماع على عدم كراهة الاستدبار والأمر سهل والله العالم * (ويكره) * أيضا استقبال الريح بالبول للخبر المروى عن الخصال عن علي (ع) ولا يستقبل ببوله الريح ولا يكره استدبار الريح بالبول عند انفراده لعدم الدليل عليها واما إذا كان مع الغائط فالظاهر كراهة الاستدبار أيضا كالاستقبال لرواية عبد الحميد المسؤول فيها عن حد الغائط لا تستقبل الريح ولا تستدبرها وفي مرفوعة محمد بن يحيى قال سئل أبو الحسن (ع) ما حد الغائط قال لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها وهاتان الروايتان صريحتان في كراهة الاستدبار ولكن المسؤول عنه فيهما حد الغائط فلا تعمان خصوص البول عند انفراده والله العالم * (ويكره) * البول في الأرض الصلبة وما بحكمها مما ينافي التوقي من البول لما روى من أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان أشد الناس توقيا من البول كان إذا أراد البول يعمد إلى مكان مرتفع من الأرض أو إلى مكان من الأمكنة يكون فيه التراب الكثير كراهة ان ينضح عليه البول ولا ينافي كراهة البول في الأرض الصلبة ما تقدم من استحباب ارتياد موضع البول ولو لأجل التأسي * (و) * يكره البول في ثقوب الحيوان لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله انه نهى ان يبال في الحجر وفي الماء جاريا كان أو وافقا ويدل على الأول مرسلة مسمع عن أبي عبد الله (ع) قال أمير المؤمنين (ع) انه نهى ان يبول الرجل في الماء الجاري الا من ضرورة وقال إن للماء اهلا وعن الخصال بسنده عن أمير المؤمنين (ع) لا يبولن الرجل من سطح في الهواء ولا يبولن في ماء جار فان فعل شيئا من ذلك فأصابه شئ فلا يلومن الا نفسه فان للماء اهلا وللهواء اهلا ويدل على كراهة البول في الماء الواقف الأخبار المستفيضة الناهية عنه بل يستفاد من بعضها كون الكراهة فيه أشد منها في الماء الجاري كصحيحة ابن مسلم لا بأس بان يبول الرجل في الماء الجاري وكره ان يبول في الراكد فان مقتضى الجمع بين الروايات حمل نفى البأس على خفة الكراهة وعليها يحمل نفى البأس عن البول في الماء الجاري في خبر أبي بكير لا بأس بالبول في الماء الجاري * (و) * رواية ابن مصعب عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يبول في الماء الجاري قال لا بأس به إذا كان جاريا ويحتمل ان يكون المراد من نفى البأس في هذه الأخبار عدم تنجسه بالبول بخلاف الراكد فإنه يتنجس ولو في الجملة حتى فيما إذا كان كثيرا فان فتح هذا الباب يوجب تغيره ولو بعد حين باعتبار توارد البول عليه وعن أكثر الأصحاب الحاق الغائط بالبول ولعله لفحوى ما يستفاد من تعليل كراهة البول في بعض الأخبار بان للماء اهلا * (ويكره) * الأكل والشرب حال التخلي كما عن بعض أو ما دام في بيت الخلاء كما عن آخرين واستدل له بما أرسله في الفقيه عن أبي جعفر (ع) انه دخل الخلاء فوجد لقمة خبر في القذر فغسلها ودفعها إلى مملوك معه فقال تكون معك لاكلها إذا خرجت فلما خرج قال للمملوك أين اللقمة فقال أكلتها يا بن رسول الله (ع) فقال إنها ما استقرب في جوف أحد الا وجبت له الجنة فأنت حر وانا أكره ان استخدم رجلا من أهل الجنة وروى هذه القصة أيضا عن الحسين بن علي عليهما السلام ولعلها اتفقت بالنسبة إليهما صلوات الله عليهما وتقريب الاستدلال بها ان تأخير الأكل وترك المبادرة مع ما فيه من الثواب الجزيل
(٩٣)