امكان ان يقال إنه لا قصور في سنديهما خصوصا الأولى فان قول المفيد قد جاءت اخبار معتمدة في أن أقصى مدة النفاس مدة الحيض عشرة أيام لا يكون الا بعد عثوره على عدة اخبار زعم إفادتها لذلك فيكون تصريح المفيد بكونها معتمدة شهادة اجمالية بوثاقة كل منها ولا تقصر الرواية التي اعتمد عليها مثل المفيد عن الروايات التي اعتمد عليها مثل ابن أبي عمير وأشباهه ممن أجمعت العصابة على قبول مراسيله كما قيل فما ظنك بما أخبرك المفيد بعثوره على اخبار معتمدة واحتمال كون مراده من الاخبار المعتمدة هي الأخبار المتقدمة وان كان قويا لكن يلزمه على تقدير منع دلالة تلك الأخبار على المدعى تخطئة المفيد في فهمه وهو مخالف للأصول المعتبرة فلا يعتنى به اللهم الا ان يقال إن أصالة عدم الخطاء ونحوها لا يثبت عثوره على روايات أخر غير هذه الروايات إذ لا اعتماد على الأصول المثبتة واعتماد مثل المفيد انما يصلح جابر الضعف رواية مجهولة الصفة كمرسلته الأخيرة لا مجهولة الذات كالأولى وقد تقدم التنبيه على ذلك عند البحث عن كيفية تطهير الماء بالقاء الكر دفعة فراجع وكيف كان فلا يعارض الأخبار المتقدمة الأخبار المستفيضة المشتملة على قصة أسماء كصحيحة محمد بن مسلم قال سئلت الباقر عليه السلام عن النفساء كم تقعد قال إن أسماء بنت عميس نفست فأمرها رسول الله (ص) ان تغتسل لثمانية عشر ولا بأس ان تستظهر بيوم أو يومين وصحيحة زرارة عن الباقر (ع) ان أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر فأمرها رسول الله (ص) حين أرادت الاحرام بذي الحليفة ان تحتشي بالكرسف والخرق وتهل بالحج فلما قدموا ونسكوا المناسك فاتت لها ثمان عشرة ليلة فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله ان تطوف بالبيت وتصلى ولم ينقطع منها الدم ففعلت ذلك وموثقة زرارة ومحمد بن مسلم والفضيل عن الباقر (ع) ان أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله حين أرادت الاحرام من ذي الحليفة ان تغتسل وتحتشي بالكرسف وتهل بالحج فلما قدموا ونسكوا المناسك سألت النبي صلى الله عليه وآله عن الطواف بالبيت والصلاة فقال لها منذ كم ولدت فقالت منذ ثمانية عشر يوما فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله ان تغتسل وتطوف بالبيت وتصلى ولم ينقطع عنها الدم ففعلت ذلك فان هذه الروايات وان كان ظاهرها ان الثمانية عشر يوما حد للنفاس وان رسول الله صلى الله عليه وآله امر أسماء بنت عميس بالاغتسال بعد ثمانية عشر لانقضاء نفاسها في هذا الحين كما يؤيد إرادة هذا الظاهر نقل هذه القصة في الجواب عن حكم النفساء ويؤكده قوله (ع) في ذيل صحيحة ابن مسلم ولا بأس ان تستظهر بيوم أو يومين حيث يكشف عن أن امرها بالاغتسال بعد مضى ثمانية عشر يوما ليس امر إلزام بل بيان الرخصة فيجوز لها التأخير أيضا بيوم أو يومين لكن مرفوعة علي بن إبراهيم وموثقة الجوهري المتقدمتان حاكمتان على هذا الظاهر لما فيهما من التصريح بان حد النفاس أقل من ثمانية عشر وسبب امر النبي صلى الله عليه وآله في الثمانية عشر انما هو تأخير سؤالها ولو سئلته قبل ذلك لأمرها بالغسل فيستفاد من ذلك أن اقتصار الإمام (ع) في مقام بيان الحكم على نقل قضية في واقعة يستظهر منها السائل ما يزعمه بيانا للحكم كان المصلحة من تقية ونحوها فكأنه (ع) قصد بهذه الروايات التورية فالمقصود باستظهارها يوما أو يومين على هذا التقدير هو الاستظهار الذي صرح به أبو جعفر (ع) في موثقة الجوهري وملخص الكلام ان معارضة هذه الروايات مع المرفوعة والموثقة من قبيل معارضة النص والظاهر فلا بد من رفع اليد عن الظاهر لأجل النص خصوصا في مثل المقام الذي يكون النص بمدلوله اللفظي قرينة لطرح الظاهر ولا سيما إذا لم يكن ظهور الظاهر مستندا إلى الوضع بل إلى أصالة الاطلاق أو السكوت في مقام البيان أو الاقتصار على نقل قضية مجملة الوجه في مقام الجواب فان رفع اليد عن مثل هذا الظاهر بمثل هذا النص من أهون التصرفات في مقام الجمع فلا معارضة بينها بحيث يرجع فيها إلى المرجحات الخارجية بل ربما يستفاد من مجموع هذه الأخبار مدلول التزامي يصلح شاهد الرفع اليد عن ظاهر بعض الأخبار الآتية مما كان ظاهره كون حد النفاس ثمانية عشر يوما فإنه يفهم من هذه الأخبار التي اقتصر فيها في الجواب عن حكم النفساء على نقل قضية الأسماء التي بين تفصيلها في ضمن الروايتين المتقدمتين وجود المقتضى للتورية واظهار هذا القول المخالف للواقع من تقية ونحوها كما يؤيد ذلك اشعار كلام السائل في المرفوعة والموثقة بمعروفية الفتوى بذلك بسبب الرواية المنقولة عن النبي صلى الله عليه وآله في قصة أسماء فلا يبعد ان يكون هذه الفتوى من العامة فاتقى منهم الإمام (ع) باظهار الموافقة في الاخبار التي يستظهر منها التحديد بثمانية عشر * (مثل) * ما عن الصدوق في العلل عن حنان بن سدير قال قلت لأبي عبد الله (ع) لأي علة أعطيت النفساء ثمانية عشر يوما ولم يعط الأقل ولا أكثر قال لان الحيض أقله ثلاثة أيام وأوسطه خمسة وأكثره عشرة فأعطيت أقله وأوسطه وأكثره وعن العيون فيما كتبه مولانا الرضا عليه السلام للمأمون قال والنفساء لا تقعد عن الصلاة أكثر من ثمانية عشر يوما فان طهرت قبل ذلك صلت وإن لم تطهر حتى تجاوز ثمانية عشر يوما اغتسلت وصلت وعملت بما تعمل المستحاضة ولعله إلى ما يستفاد من هذه الأخبار يرجع ما سمعه ابن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه يقول تقعد النفساء تسع عشرة ليلة فان رأت دما تصنع كما تصنع المستحاضة كما أنه يمكن تنزيل ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) على مالا ينافيها قال قلت لأبي عبد الله (ع) كم تقعد النفساء قال ثمانية عشرة سبع عشرة ثم تغتسل وتحتشي وتصلى لكن لا يخفى عليك ان الترديد واختلاف التعبير وعدم التنصيص في شئ من الاخبار على حكم الثمانية عشر مما يؤيد صدورها تقيه كما يشهد به الأخبار المتقدمة
(٣٣٧)