وجوبها عليها لم تصح صلاتها ضرورة ظهور الأدلة المتقدمة في الوجوب الشرطي فهذا مما لا اشكال فيه وانما الاشكال فيما جزموا به انها ان أخلت بالأغسال الواجبة عليها لصلاتها لم تصح صومها إذ من المستبعد جدا أن لا يكون نفس الحدث من حيث هو مانعا من صحة الصوم بحيث لو استحاضت قبل الفجر لم يجب عليها الغسل لصومها لكن يبطله الاخلال بالأغسال الواجبة عليها لصلاتها مع أنه لم ينهض عليه دليل عدا مكاتبه ابن مهزيار قال كتبت إليه امرأة طهرت من حيضها أو دم نفاسها في أول يوم من شهر رمضان ثم استحاضت فصلت وصامت شهر رمضان كله من غير أن تعمل كما تعمله المستحاضة من الغسل لكل صلاتين هل يجوز صومها وصلاتها فكتب عليه السلام تقضى صومها ولا تقضى صلاتها لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر المؤمنات من نسائه بذلك * (و) * في رواية الكليني والشيخ لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر فاطمة (ع) والمؤمنات بذلك وفيه لا ينبغي الارتياب في أن ما كتبه الإمام (ع) في الجواب انما هو لبيان حكم الحائض كما يدل عليه قوله (ع) ولا تقضى صلاتها وقوله (ع) لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر المؤمنات بذلك فان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر المؤمنات بذلك بالنسبة إلى أيام الحيض كما تقدمت حكايته في اخبار الحيض * (واما) * في مفروض السائل فكيف يأمر رسول الله صلى الله عليه وآله المؤمنات بقضاء الصوم دون الصلاة مع أنه قضية فرضية لا يبعد عدم تحققه في الخارج اللهم الا ان يكون النبي صلى الله عليه وآله يأمرهن بذلك على تقدير التحقق وفيه مع بعده مالا يخفى من مخالفته للظاهر مع أنه بظاهره للنص والاجماع لأنه يجب عليها قضاء صلاتها نصا واجماعا فلم يكن النبي صلى الله عليه وآله يأمر بذلك بلا شبهة اللهم الا ان يكون امره بذلك صوريا لمصلحة أو يكون ذلك حكما منسوخا ولا يناسب شئ منهما التعليل والحاصل ان الرواية ممالا يمكن العمل بظاهرها فيجب رد علمها إلى أهله وما يقال من أن هذا أي كون بعض فقرات الرواية مطروحة لا يخرجها من الحجية فيما عداها جمود بحث في مثل المورد إذ لا نقول بحجية الاخبار من باب السببية المخصة تعبدا من حيث السند أو الدلالة حتى نلتزم بمثل هذه التفكيكات وانما نلتزم بعدم خروج بعض الفقرات من الحجية بخروج بعض اخر إذا تطرق احتمال خلل في الفقرة المطروحة يخصها من نحو السقط والتحريف والاشتباه والتقية ونحوها واما مثل هذه الرواية التي يشهد سوقها وتعليلها ومخالفة مدلولها للعامة باشتراك الفقرتين في الاحتمالات المتطرقة وعدم اختصاص ثانيتهما باحتمال يعتد به فالتفكيك في غاية الاشكال وليس ارتكابه مع استلزامه الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله إن لم يقصد به التورية أهون من نسبة الغفلة أو الاشتباه إلى الراوي في فهم الرواية أو نقلها وملخص الكلام ان المظنون لو لم نقل بأنه المقطوع به ان هذا الجواب ليس مسوقا الا لبيان حكم الحائض اما توطئة الجواب السائل أو جوابا عن سؤال مستقل أو بيانا لحكم أيام عادتها من شهر رمضان وقد حصل الاختلال في الرواية من حيث تقطيع الاخبار كما يدل عليه في خصوص المورد اضمار المسؤول عنه أو غير ذلك من العوارض الموجبة للاختلال مثل سقط القيد المبين الاختصاص الحكم بأيام العادة ونحوه لا يقال إن فتح هذا الباب أي إبداء احتمال السقط والتحريف ونحوه في الاخبار مشكل لأنا نقول إن هذا الباب في الاخبار مفتوح لكنه لا يجوز المسير إليه ولا يعتنى بمثل هذا الاحتمال المخالفة للأصول المعتبرة مثل أصالة عدم الغفلة والاشتباه ونحوها لكنه بعد أن علم اجمالا بوقوع خلل وحصول مخالفة أصل معتبر كما فيما نحن فيه ودار الامر بين ارتكاب هذه المخالفة أو غيرها من المخالفات للقواعد فلا مانع من الاعتناء بمثل هذا الاحتمال خصوصا مع ما عرفت من المعاضدات التي ربما تورث القطع بتحققه ويحتمل قويا ان يكون المقصود بالرواية بيان حكم النفساء لأنها هي التي تبتلى بمثل الفرض غالبا دون الحائض التي يندر ابتلائها بذلك فتكون الرواية نظير الأخبار الكثيرة التي ستسمعها مما ورد فيها امر النفساء بالجلوس أربعين يوما أو ما بين الأربعين والخمسين أو ما دام ترى الدم وستعرف ان أقرب محاملها التقية فلا يبعد صدور هذه الرواية أيضا تقية كما يؤيد ذلك كونها مكاتبة ولعل العامة كانوا في عصر الإمام (ع) يقولون في الحائض أيضا بأنها تترك العبادة ما دامت ترى الدم أو إلى أربعين يوما مثلا فصدرت الرواية على وفق مذاقهم والله العالم ثم إن في الرواية اشكالا آخر وهو اشعارها بان فاطمة سلام الله عليها كانت ترى الدم مع ما تكاثرت به الاخبار من أنها لم تر حمرة قط لا حيضا ولا استحاضة وربما يجاب عن ذلك باحتمال أن لا يكون المراد بها الصديقة (ع) الطاهرة بل فاطمة بنت أبي حبيش المشهورة بكثرة الاستحاضة والأولى ان يجاب بان امرها بذلك كان لتعليم المؤمنات كما يشعر بذلك ما في بعض الأخبار المتقدمة في باب الحيض من أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر بذلك فاطمة (ع) وكانت تأمر بها المؤمنات وكيف كان فالانصاف ان الاعتماد على هذه الرواية مع ما فيها من الاختلال والاضمار وعدم وضوح استناد المشهور إليها في الحكم ببطلان صوم المستحاضة التي أخلت بشئ من اعمالها في غاية الاشكال بل غير سديد لكن الظاهر عدم الخلاف في المسألة نعم حكى صاحب المستند في مستنده عن [ط] والمع التوقف في الحكم واستظهره أيضا عن جمع من المتأخرين كالمدارك والبحار وشرح القواعد للهندي وشرح الارشاد للأردبيلي والحدائق ثم قال بعد أن ذكر وجه التوقف من وهن الخبر سندا لاضماره ومتنا لما فيه من الخلل ودلالة لقصوره عن إفادة وجوب قضاء الصوم بل نهايته الرجحان المحتمل للاستحباب
(٣٣١)