الحيض والأفعال تصيرها بحكم الطاهر نظرا إلى ظهور كلماتهم في نظائر عبائرهم المتقدمة في ذلك والى كون الاستحاضة غالبا هي الدم المستمر من أيام الحيض مدعيا ان الاخبار تعطى انها بحكم الحائض كما يعطيه لفظ الاستحاضة فإنها استفعال من الحيض وفيه مالا يخفى اما دعوى ظهور عبائرهم في معاقد اجماعاتهم المحكية في ذلك فهي ممنوعة جدا نعم فيها اشعار بذلك واما مفادها فليس الا ما نص عليه في المعتبر في ذيل كلامه بأنها إن لم تفعل كان حدثها باقيا لم ولم يجز ان تستبيح شيئا مما يشترط فيه الطهارة ومعلوم ان الوطي وكذا دخول المساجد وقراءة العزائم والصوم ليس من تلك الأشياء ان أريد كونها مشروطة بالطهارة على الاطلاق وان أريد ما يشترط فيه الطهارة عن حدث الاستحاضة فلا بد من تعينيه بدليل خارجي * (وكيف) * كان فليس مقصودهم من هذه العبارات بيان انها ما لم تفعل هذه الأفعال هي بحكم الحائض فلا أقل من الشك في ذلك فكيف يمكن القطع بكونه اجماعيا حتى يكون مستندا لحكم شرعي بل كيف يظن بأحد ان يلتزم بعموم أحكام الحائض للمستحاضة مثل حرمة طلاقها ووطيها وبطلان صومها في القليلة ما لم تتوضأ لصلاتها واما دعوى استفادة ذلك من الاخبار ففيها ان جملة من الاخبار مصرحة بالتفصيل بين الاستحاضة والحيض وان الاستحاضة دم اخر وله أوصاف غير أوصاف الحيض واحكام غير احكامه وعلى تقدير تسليم كونها ذلك الدم كما يعطيه لفظ الاستحاضة لا يجدى في تسرية أحكام الحائض إليها بعد أن خص الشارع موضوعها بما إذا لم يتجاوز دمها العشرة ولم يقصر عن الثلاثة وجعل ما عداه قسيما له كمالا يخفى نعم في بعض الأخبار الآتية القاضية بحرمة وطئها ما لم تغتسل اشعار بذلك ولكنه لا يلتفت إليه فالشان في المقام انما هو تشخيص الأشياء المحرمة على المستحاضة والقدر المتيقن منها هي الأشياء المشروطة بالطهور مثل الصلاة والطواف ومس المصحف وما عداه يحتاج إلى الدليل وقد حكى عن المشهور القول بحرمة اللبث في المساجد ودخول المسجدين ولا يبعد ارادتهم الحرمة فيما لو احتاجت إلى الغسل لبعد التزامهم بذلك في القليلة بل ظاهرهم من الحكم بتوقفه على الغسل إرادة ما عدا القليلة ففي طهارة شيخنا المرتضى [ره] حكى عن موضع من المصابيح توقف جواز دخولها على الغسل وعن موضع اخر أنه قال قد تحقق ان مذهب الأصحاب تحريم دخول المساجد وقراءة العزائم على المستحاضة قبل الغسل ثم نقل بعض الأقوال المنافية لذلك منها جواز دخولها من غير توقف كقرائة العزائم ثم قال ولا ريب في شذوذ هذه الأقوال وحكى عن حواشي التحرير أنه قال واما حدث الاستحاضة الموجب للغسل فظاهر الأصحاب انه كالحيض وعن شارح النجاة الاجماع على تحريم الغايات الخمس على المحدث بالأكبر عدا المس ثم قال وظاهرهما الاجماع على وجوب غسل الاستحاضة بدخول المساجد وقراءة العزائم ويستفاد ذلك من الغنية والمعتبر و التذكرة انتهى * (أقول) * الظاهر أن نسبة كونها كالحيض إلى ظاهر الأصحاب كاستفادة الاجماع من الغنية والمعتبر والتذكرة منشاها العبائر المتقدمة كما نبه عليه شيخنا المرتضى [ره] وقد عرفت منع ظهور العبائر المتقدمة فيما ادعى وعلى تقدير تسليم الظهور بل صراحتها فيما ادعى ليس لنا الاعتماد عليه ما لم يحصل الوثوق بصدقه لما تقرر في محله من عدم حجية نقل الاجماع نعم ما حكاه عن شارح النجاة عن الاجماع على تحريم الغايات الخمس على المحدث بالأكبر عدا المس ليس بالبعيد وان كنا لم نتحققه أيضا وعلى تقدير تحققه فمقتضاه انه يحرم على المستحاضة بعد أن وجب عليها الغسل ما لم تغتسل جميع ما يحرم على الجنب والحايض من حيث كونها محدثة بالأكبر لا من حيث كونها حائضا فلا يعم مثل الوطي وبطلان الطلاق ونحوهما فلو قلنا بحرمة وطيها قبل الاغتسال فهو لدليل اخر كما سيأتي التعرض له لا لقاعدة الاشتراك فعلى هذا لو قلنا بما يدعى استفادته من كلمات العلماء في معاقد اجماعاتهم من إرادة المفهوم انحصار صيرورتها بحكم الطاهر بما لو أتت بتلك الأفعال على ما فصل فمقتضاه عدم استباحة الأشياء المحرمة على الجنب للمستحاضة وعدم ارتفاع حدثها الأكبر ما دامت مستحاضة وان تبدلت حالتها وصارت قليلة لا حقيقة ولا حكما الا بالغسل لصلاتها والعمل بما هو وظيفتها عند كل صلاة لكنك عرفت منع دلالتها على المفهوم بل من المستبعد جدا ارادتهم توقف ارتفاع حدثها الأكبر على الوضوء فضلا عن سائر الأشياء التي التزموا بوجوبه اما تعبدا أو لمنافاته للصلاة من حيث الحيثية خصوصا لو وقع غسلها بعد تبدل حالها ووقوف دمها عن السيلان وكيف كان فالأظهر انه متى وقف دمها عن السيلان ولم يظهر على القطنة وصارت الاستحاضة قليلة يرتفع حدثها الأكبر حقيقة بالغسل سواء قلنا بكفاية كل غسل عن الوضوء أم لم نقل لان الحق عدم مدخلية الوضوء في رفع الحدث الأكبر كما يظهر ذلك مما أسلفناه وجها لوجوب الوضوء مع كل غسل مما عدا الجنابة في مبحث الحيض فلها ايجاد الغسل بقصد الكون على الطهارة مطلقا سواء نوت الطهارة لنفسها أو مقدمة لشئ من غاياتها الراجحة كما أن لها الوضوء بعد انقطاع الدم وحصول البرء للكون على الطهارة كساير الاحداث واما عند استمرار السبب فلا يرتفع حدثها حقيقة بل يحصل لها بالغسل أو الوضوء طهارة حكمية اضطرارية سوغها الضرورة و [ح] فان استفدنا من الأدلة كون الضرورة حكمة للحكم لا علة بحيث تدور الطهارة الحكمية مدارها يشرع لها ايجاد الوضوء أو الغسل لغاياتها المسنونة كالواجبة والا فمقتضى الأصل الاقتصار على القدر المتيقن من ايجادها للغايات الواجبة كما أن مقتضى القاعدة عدم الاتيان بشئ من غاياتها بعد
(٣٢٨)