على الأحوط وان كان الأظهر ان لها التحيض عند وجود التميز مطلقا هذا لو لم نقل بحرمة العبادة عليها ذاتا والا فالأحوط بل الأقوى وجوب الترك إذا رأت الدم بصفة الحيض لاطلاق الامر بترك الصلاة عند اتصاف الدم بأوصاف الحيض في الأخبار الدالة على اعتبار الأوصاف الامرة بالرجوع إليها ففي صحيحة معاوية بن عمار قال (ع) فإذا كان للدم حرارة ودفع وسواد فلتدع الصلاة * (وفي) * مرسلة يونس حاكيا عن رسول الله صلى الله عليه وآله في قضية فاطمة بنت أبي حبيش انه صلى الله عليه وآله قال لها فإذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة وإذا أدبرت الحيضة فاغسلي عنك الدم وصلى وقد نبه الصادق (ع) على أنه انما يعرف اقبال الحيضة من ادبارها بتغير ألوان الدم وذلك أن دم الحيض اسود يعرف وفي المرسلة أيضا حاكيا عن أبيه (ع) أنه قال للمستحاضة إذا رأيت الدم البحراني فدعى الصلاة ويستفاد المطلوب من سائر فقراتها أيضا كما لا يخفى على المتأمل فان فقدت التمييز بان استمر بها الدم على نهج واحد أو اختلف لكن لا على وجه يمكن جعل بعضها حيضا دون بعض فهيهنا مسائل ثلث الأولى لو ذكرت العدد ونسيت الوقت فلم تذكر منه شيئا لا تفصيلا ولا اجمالا بان كان العدد المحفوظ ضالا في جملة عدد لا يزيد ذلك المحفوظ على نصف ما وقع الضلال فيه ففيه أقوال قيل كما عن الشيخ في المبسوط بوجوب الاحتياط بان تعمل في الزمان الذي وقع الضلال فيه كله ما تعمله المستحاضة وتترك جميع ما يجب على الحائض تركه كالوطي واللبث في المساجد وقراءة العزائم وتغتسل للحيض في كل وقت تحتمل انقطاع دم الحيض فيه وتقضى صوم عادتها بعد ارتفاع الشبهة للعلم الاجمالي بصيرورتها حائضا و مستحاضة واختلاط كل منهما بالاخر فعليها الاتيان بما وجب عليهما فعلا وتركا ما دام لاشتباه من باب المقدمة * (ونوقش) * فيه أولا باستلزام الاحتياط الجرح والضرر المنفيين في الشريعة وثانيا بمنع وجوب الاحتياط عند اشتباه المكلف به في الأمور التدريجية نظرا إلى عدم ابتلاء المكلف بجميع أطراف الشبهة فعلا دفعه واحدة وقد تقرر في محله ان من شرط تأثير العلم الاجمالي في تنجيز الخطاب بالواقع المردد كون أطراف الشبهة مورد الابتلاء المكلف بالفعل ويتوجه عليه بعد تسليم استلزام الاحتياط الضرر والحرج ان ما دل على نفيهما في الشريعة من الكتاب والسنة لا يدل الا على ارتفاع كل حكم يلزم منه الحرج ولو بملاحظة الغالب على تأمل فيه بل منع ومقتضاه ليس إلا رفع ايجاب الاحتياط في غسل الحيض مثلا لو كان فيه ضرر أو حرج لا الترخيص في قراءة العزائم أو اللبث في المساجد ونحوهما ممالا يستلزم الاحتياط فيهما ضررا أو حرجا ودعوى أن ايجاب الاحتياط عليها بتروك الحايض واعمال المستحاضة على اجماله حكم حرجي أو ضرري فهو منفى في الشريعة مما لا ينبغي الاصغاء إليها إذ ليس تروك الحايض واعمال المستحاضة بعنوانها الاجمالي عنوانا للموضوع الحاكم بوجوبه العقل حتى ينفيه أدلة نفى الحرج والضرر وانما العقل حاكم بوجوب الخروج من عهدة كل واحد واحد من التكاليف المعلومة بالاجمال فلو نفى دليل نفى الحرج والضرر وجوب الاحتياط بالنسبة إلى شئ منها يبقى حكمه بالنسبة إلى الباقي بحاله واما منع حكومة العقل بوجوب الاحتياط في التكليف المردد بين مشتبهات متدرجة في الوجود فقد مر تضعيفه في الشبهة المحصورة وأوضحنا عدم الفرق بين ما لو كان الابتلاء بأطراف الشبهة دفعة أو تدريجا وبينا ما هو المناط في الابتلاء وعدمه المؤثرين في تأثير العلم وعدمه * (فراجع) * وكيف كان فإنما يمكن الالتزام بمقالة الشيخ لو لم نقل بحرمة العبادات عليها ذاتا وإلا فلا مجال للاحتياط بالنسبة إلى عباداتها الواجبة لدوران الامر فيها بين المحذورين فمقتضى الأصل فيها التخيير ما لم يكن أحد الاحتمالين أرجح أو أهم والا فالأخذ به متعين واما العبادات المستحبة كسائر المحرمات فيجب عليها تركها احتياطا هذا هو الذي يقتضيه الأصول العملية وحيث إن الأظهر لدينا حرمة الصلاة عليها ذاتا فالأصل يقتضى في الواجبات منها كونها مخيرة بين الفعل اخذا باحتمال كونها طاهرة والترك بملاحظة احتمال كونها حايضا و قد تقرر في محله ان التخيير الناشئ من حكم العقل عند دوران الامر بين المحذورين هو التخيير الاستمراري فمقتضاه كونها مخيرة في تمام الشهر بين فعل الصلاة وتركها لان كل يوم يوم مثلا بنظر العقل موضوع مستقل امرها دائر فيه بين المحذورين غاية الأمر انها لو اختارت الترك في الجميع عليها تدارك ما فات منها من العبادات بعد أن طهرت لكنك خبير بان جواز الترك في جميع المدة مخالف للاجماع بل الضرورة بل التفكيك بين الأيام بان تترك يوما وتصلى ويوما أيضا كذلك فليس لها الا اختيار الترك في جميع الشهر بقدر عادتها من دون تفكيك بين أيامها بل التخيير الذي يحكم به العقل في مثل المقام لا يمكن ان يكون استمراريا لأنا لو لم نقل بكونها مكلفة في مرحلة الظاهر كالمبتدئة ومن لم يستقر لها عادة من حيث الوقت بان تتحيض أياما وتصلى فيما عداها كما ستعرف قوته فلا أقل من احتماله فعلى هذا لا يحكم العقل بالتخيير الا ابتداء فإنها إذا اختارت الترك في اليوم الأول من الشهر مثلا ففي اليوم الثاني يرتفع التحير الذي هو موضوع حكم العقل بالتخيير لان امرها في ما بعد يدور بين التعيين والتخيير فان الترك فيه جائز قطعا اما لكونها مخيرة بين الامرين أو لكون اختياره متعينا في حقها في مرحلة الظاهر فلا يستقل العقل [ح] بالتخيير بل يتعين عليها الترك إلى أن تنقضى أيامها فيعكس الامر كما أنه لو اختارت ترك الحيض من أول الشهر إلى أن لا يبقى منه الا عدد أيامها يتعين عليها التحيض فيما بقي لما عرفت
(٣١٣)