مالا يخفى وكفى فارقا كون الوسطى والكبرى مؤثرة في ايجاب الغسل دون الصغرى فمن الجائز اختلافهما في الأثر من حيث الخبيثة مضافا إلى امكان ان يكون التبديل فيهما لظهور النجاسة أو للحفظ عن التعدي واما الاجماع المركب وعدم القول بالفصل فلم يثبت هذا مع أنه ربما يستفاد من جملة من الاخبار كالرواية المتقدمة اشعارا أو ظهورا عدم وجوب الابدال كما يؤيده خلو الاخبار الامرة بالوضوء الواردة في مقام البيان من الامر به ففي رواية الجعفي وان هي لم تر طهرا اغتسلت واحتشت ولا تزال تصلى بذلك الغسل حتى يظهر الدم على الكرسف فإذا ظهر أعادت الغسل وأعادت الكرسف وخبر الحلبي عن الصادق عليه السلام قال قال أبو جعفر (ع) سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن المرأة تستحاض فأمرها ان تمكث أيام حيضها لا تصلى فيها ثم تغتسل وتستدخل قطنة وتستثفر بثوب ثم تصلى حتى يخرج الدم من وراء الثوب [الخ] وصحيحة الصحاف في حديث حيض الحامل إلى أن قال فلتغتسل ثم تحتشي وتستذفر وتصلى الظهر والعصر ثم لتنظر فإن كان الدم فيما بينها وبين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتتوضأ ولتصل عند وقت كل صلاة ما لم تطرح الكرسف عنها فان طرحت الكرسف عنها فسال الدم وجب عليها الغسل وان طرحت الكرسف ولم يسل فلتتوضأ ولتصل ولا غسل عليها [الخ] إلى غير ذلك من الاخبار التي يمكن استفادة عدم وجوب تغيير القطنة منها كما لا يخفى على المتأمل وأنت خبير بان رفع اليد عن ظهور هذه الأخبار في عدم الوجوب بل كاد ان يكون صريح بعضها كصحيحة الصحاف ورواية الجعفي بمجرد الشهرة أو اقتضاء عموم مانعية النجس من الصلاة على تقدير التسليم في المقام في غاية الاشكال ولذا شاع القول بعدم الوجوب بين المتأخرين فان تحقق الاجماع الكاشف عن قول المعصوم الموجب للتصرف في ظواهر الأخبار الكثيرة فهو والا فالأظهر ما هو الشايع بين المتأخرين من عدم الوجوب ولكن الاحتياط ممالا ينبغي تركه بعد مخالفة الاعلام وعدم اعتنائهم بهذه الظواهر مع كونها بمرئى منهم ومسمع والله العالم وأوهن من الاستدلالات السابقة الاستدلال للوجوب بوجوب الاختبار المستلزم لاخراج القطنة فلا يجوز ادخالها ثانيا لاستلزامه تنجيس الظاهر ومخالفته لظواهر الامر باستدخال القطنة الظاهرة في إرادة الطاهرة وفيه مع ما فيه أن وجوب الاختبار على تقدير تسليمه وعدم كفاية الاحتياط أو الرجوع إلى الاستصحاب كما سيأتي التكلم فيه انما هو فيما لو احتملت تبدل حالها وتغيير القطنة فيما نحن فيه لا يدور مدار ذلك كمالا يخفى ثم إنه حكى عن جماعة وجوب تبديل الخرقة والظاهر ارادتهم الوجوب عند تلوثها بالدم إذ من المستبعد جدا ان يلتزم أحد بوجوبه تعبدا وإن لم يتنجس إذ لا وجه له أصلا واما على تقدير تلوثها فالقول به متجه بناء على عدم العفو عن مثل ذلك كما أن المتجه وجوب غسل ما ظهر من الفرج لو تنجس وان كان قليلا بناء على عدم العفو عنه كما سيأتي التكلم فيه في محله إن شاء الله واما تجديد الوضوء عند كل صلاة فلم ينقل الخلاف فيه في الفرايض الا من ابن أبي عقيل وابن الجنيد فعن الأول انه لا غسل عليها ولا وضوء وعن ابن الجنيد ان عليها في اليوم والليلة غسلا واحدا قال ابن أبي عقيل على ما نقله في محكى المختلف يجب عليها الغسل عند ظهور دمها على الكرسف لكل صلاتين غسل تجمع بين الظهر والعصر بغسل وبين المغرب والعشاء بغسل فإذا لم يظهر على الكرسف فلا غسل عليها ولا وضوء وعن ابن الجنيد أنه قال المستحاضة التي يثقب دمها الكرسف تغتسل لكل صلاتين آخر وقت الأولى وأول وقت الثانية وتصليهما وتفعل للفجر مفردا كك والتي لا يثقب دمها الكرسف تغتسل في اليوم والليلة مرة واحدة ما لم يثقب وظاهر هاتين العبارتين ان المستحاضة منحصرة في قسمين فادرجا المتوسطة في الكبرى واما الصغرى فابن أبى عقيل لم يرها حدثا فلم يوجب غسلا ولا وضوء وابن الجنيد أوجب عليها غسلا في اليوم والليلة ويدل على المشهور مضافا إلى عدم الخلاف فيه ظاهرا الا ممن عرفت بل عليه نقل الاجماع مستفيضا وعن جامع المقاصد انعقاد الاجماع بعد ابني عقيل والجنيد على خلافهما صحيحة معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام وان كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت ودخلت المسجد وصلت كل صلاة بوضوء * (و) * موثقة زرارة عن الباقر عليه السلام عن الطامث تقعد بعدد أيامها كيف تصنع قال تستظهر بيوم أو يومين ثم هي مستحاضة فلتغتسل وتستوثق من نفسها وتصلى كل صلاة بوضوء ما لم ينفذ الدم فإذا نفذ الدم اغتسلت وعن الفقه الرضوي فإن لم يثقب الدم الكرسف صلت صلاتها كل صلاة بوضوء * (و) * في صحيحة الصحاف المتقدمة وان كان الدم فيما بينها وبين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتتوضأ ولتصل عند وقت كل صلاة وفي ما ورد في الحامل من أنها ان رأت دما كثيرا احمر فلا تصلى وان كان قليلا اصفر فليس عليها الا الوضوء هذا كله مضافا إلى المستفيضة الدالة على وجوب الوضوء مع صفرة الدم الملازمة غالبا لقلته كما صرح به غير واحد هذا ولولا اعتضاد دلالة هذه الأخبار الأخيرة بسابقتها وبالشهرة والاجماعات المحكية لأمكن المناقشة فيها بكونها مسوقة لبيان عدم وجوب الغسل عند صفرة الدم وقلته وكون الوضوء المأمور به هو الوضوء المعهود لأجل الصلاة لا انه يجب الوضوء تعبدا عند كل صلاة بحيث يفهم منه كون الاستحاضة من حيث هي من موجبات الوضوء وكيف كان فلا يتطرق مثل هذه المناقشات بعد ما عرفت من المعاضدات مع أن الاخبار الأول التي كادت تكون صريحة في المطلوب كافية لاثباته واستدل لأبي أبى عقيل بالأصل وحصر موجبات الوضوء ونواقضه في الاخبار الحاصرة في غيرها وصحيحة ابن سنان عن الصادق (ع)
(٣١٧)