فإذا جهلت الأيام وعددها احتاجت إلى النظر [ح] إلى اقبال الدم وادباره وتغير لونه من السواد ثم تدع الصلاة على قدر ذلك ولا أرى النبي صلى الله عليه وآله قال اجلسي كذا وكذا يوما فما زادت فأنت مستحاضة كما لم يأمر الأولى بذلك وكذلك أبى (ع) أفتى في مثل هذا وذلك أن امرأة من أهلنا استحاضت فسئلت أبى (ع) عن ذلك فقال إذا رأيت الدم البحراني فدعى الصلاة وإذا رأيت الطهر ولو ساعة من نهار فاغتسلي وصلى قال أبو عبد الله (ع) وارى جواب أبى ها هنا غير جوابه في المستحاضة الأولى الا ترى أنه قال تدع الصلاة أيام أقرائها لأنه نظر إلى عدد الأيام وقال ههنا إذا رأيت الدم البحراني فدعى الصلاة وأمرها هنا ان تنظر إلى الدم إذا اقبل وإذا أدبر وتغير وقوله البحراني شبه قول النبي صلى الله عليه وآله ان دم الحيض اسود يعرف وانما سماه أبى بحرانيا لكثرته ولونه فهذه سنة النبي صلى الله عليه وآله في التي اخلط أيامها حتى لا تعرفها بالدم ما كان من قليل الأيام وكثيرة قال واما السنة الثالثة ففي التي ليس لها أيام متقدمة ولم تر الدم قط ورأت أول ما أدركت واستمر بها فان سنة هذه غير سنة الأولى والثانية وذلك أن امرأة يقال لها خمسة بنت جحش اتت رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت انى استحضت حيضة شديدة فقال لها احتشى كرسفا فقالت إنه أشد من ذلك انى أثجه ثجا فقال تلجمي وتحيضي في كل شهر في علم الله ستة أيام أو سبعة أيام ثم اغتسلي غسلا وصومي ثلاثة وعشرين يوما أو أربعة وعشرين واغتسلي للفجر غسلا وأخرى الظهر وعجلى العصر واغتسلي غسلا وأخرى المغرب وعجلي العشاء واغتسلي غسلا قال أبو عبد الله (ع) فأراه قد سن في هذا غير ما سن في الأولى والثانية وذلك أن امرها مخالف لامر تينك الا ترى ان أيامها لو كانت أقل من سبع وكانت خمسا أو أقل من ذلك ما قال لها تحيضي سبعا فيكون قد امرها بترك الصلاة وهي مستحاضة غير حائض وكذلك لو كان حيضها أكثر من سبع وكانت أيامها عشرا أو أكثر لم يأمرها بالصلاة وهي حائض ثم مما يزيد هذا بيانا قوله لها تحيضي وليس يكون التحيض الا للمرأة التي تريد أن تكلف ما تعمل الحائض الا تراه لم يقل لها أياما معلومة تحيضي أيام حيضك ومما يبين هذا قوله (ع) في علم الله وان كانت الأشياء كلها في علم الله فهذا بين واضح ان هذه لم يكن لها أيام قبل ذلك قط وهذه سنة التي استمر بها الدم أول ما تراه أقصى وقتها سبع وأقصى طهرها ثلث وعشرون حتى يصير لها أيام معلومة فتنتقل إليها فجميع حالات المستحاضة تدور على هذه السنن الثلث لا تكاد ابدا تخلو من واحدة منهن ان كانت لها أيام معلومة من قليل أو كثير فهي على أيامها وخلقتها التي جرت عليها ليس فيها عدد معلوم موقت غير أيامها فان اختلطت الأيام عليها وتقدمت وتأخرت وتغير عليها الدم ألوانا فسنتها اقبال الدم وادباره وتغير حالاته وإن لم يكن لها أيام قبل ذلك واستحاضت أول ما رأت فوقتها سبع وطهرها ثلاث وعشرون فان استمر بها الدم أشهرا فعلت في كل شهر كما قال لها فان انقطع الدم في أقل من سبع أو أكثر من سبع فإنها تغتسل ساعة ترى الطهر وتصلى ولا تزال كك حتى تنظر ما يكون في الشهر الثاني فان انقطع الدم لوقته من الشهر الأول حتى توالى عليها حيضتان أو ثلث فقد علم الآن ان ذلك قد صار لها وقتا وخلقا معروفا تعمل عليه وتدع ما سواه وتكون سنتها فيما يستقبل ان استحاضت فقد صارت سنة إلى أن تجلس أقرائها وانما جعل الوقت ان توالى عليها حيضتان أو ثلث لقول رسول الله صلى الله عليه وآله للتي تعرف أيامها دعى الصلاة أيام أقرائك فعلمنا انه لم يجعل القرء الواحد سنة لها ولكن سن لها الأقراء وأدناه حيضتان فصاعدا وان اختلطت عليها أيامها وزادت ونقصت حتى لا تقف منها على حد ولا من الدم على لون عملت باقبال الدم وادباره وليس لها سنة غير هذا القول رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي ولقوله (ع) ان دم الحيض اسود يعرف كقول أبى (ع) إذا رأيت الدم البحراني فإن لم يكن الامر كذلك ولكن الدم أطبق عليها فلم تزل الاستحاضة دارة وكان الدم على لون واحد وحالة واحدة فسنتها السبع والثلث والعشرون لان قصتها كقصة خمسة حين قالت انى أثجه ثجا * (انتهى) * الخبر الشريف ولا يخفى على من تأمل فيه حق التأمل انه لا منافاة بينه وبين الأخبار السابقة بل هذه الرواية بنفسها شاهدة على المدعى فان سوق الرواية يشهد بأنه (ع) لم يقصد بهذه الرواية الا بيان ما يستفاد من الاحكام المختلفة الصادرة عن النبي صلى الله عليه وآله في الوقايع الثلث والتنبيه على أنه يفهم منها سنن ثلث يدور مدارها جميع احكام المستحاضة وهي وجوب تشخيص دم الحيض عن الاستحاضة بمصادفة أيام العادة إن أمكن بان كانت المرأة معتادة وعارفة بعادتها و [ح] لا يجوز لها الاعتناء بساير الامارات التي يعرف بها فان مصادفة العادة أقوى الامارات لا يزاحمها غيرها فان الصفرة والكدرة مثلا في أيام الحيض حيض ولذا امرها النبي صلى الله عليه وآله بالرجوع إلى العادة ولم يسن لها الا ذلك وهذه هي السنة الأولى وعند فقد هذه الامارة احتاجت إلى أن تعرف اقبال الدم من ادباره باعتبار كثرته وقلته وتغيير لونه من السواد أو اختلاف أحواله من حيث الحرارة والبرودة والخروج بحرقة وكونه عبيطا فأمرها النبي صلى الله عليه وآله بذلك أي تشخيص دم الحيض بالأمارات الظنية عند حاجتها إليها بمعنى انه (ع) جعل هذه الامارات حجه في حقها وهذه هي السنة الثانية ولا يبعد ان يدعى ان سوق الرواية يشهد بان المجعول في حقها حجية مطلق الظن الحاصل من الأوصاف المعهودة الدم الحيض ولو لم ينص عليها الشارع بالخصوص بل ولو عهدتها لشخصها بخصوصيتها الشخصية كما لو استكشف من عادتها المنسية ان لحيضها صفة مخصوصة فحصل لها الظن بان واجد هذه الصفة هو حيضها فلا يبعد القول باستفادة حجيته من هذه الرواية إذ ليس معرفة اقبال الدم من ادباره مخصوصة بالنظر إلى خصوص تغير لونه من السواد وانما نص الإمام عليه السلام
(٣٠١)