إلى أن استفادة البعد الثالث من هذه الأخبار ليست من قبل الحذف والاضمار بل من قبل استفادة مجموع الابعاد من قولك شبر من الماء وزنه كذا فالمتبادر من قول القائل ماء عرضه ثلاثة أشبار وعمقه كذلك ليس إلا ما كان سطحه من كل ناحية كذلك * (ولكن) * الانصاف ان غلبة استدارة الركى لو سلمت فهي مانعة عن هذا الظهور فلو قال احفر بئرا عمقها كذا وعرضها ثلاثة أشبار لا ينسبق إلى الذهن الا الكيفية المتعارفة ودعوى أن المقصود من الرواية فرض كون ماء الركى بالغا هذا الحد لا توصيف الماء الموجود بكونه كذلك وحيث إن الموضوع فرضى لا مانع عن فرض كون الماء مربعا وان كان الماء الموجود بالفعل على صفة الاستدارة * (مدفوعة) * بان استدارة الماء الموجود مانعة عن ظهور المطلق في الاطلاق حتى نحتاج إلى فرض كون الماء مربعا فالمناقشة قوية جدا ولكن بالنظر إلى الرواية على النحو المروى في الكافي واما على ما في الاستبصار من التنصيص على الطول فلا لما عرفت من أنه ليس للمستدير وكذا المربع الغير المستطيل طول ولكنه ربما يذكر الطول تنصيصا على إرادة تساوى الابعاد كما يقال في المثال السابق احفر حفيرة يكون عرضها شبرا و طولها شبرا وعمقها كذلك من دون ان يراد من العرض أو الطول بعد معين ولا يقال مثل ذلك لو أراد كونها مستديرة بل لو قال احفر بئرا عرضها كذا وطولها كذا يفهم منه إرادة المربع وان كان خلاف المتعارف والحاصل ان ظهور الرواية المروية في الاستبصار المشتملة على الابعاد الثلاثة فيما عليه المشهور غير قابل للانكار واما ظهورها على ما في الكافي ففي غاية الاشكال الا بضميمة الاجماع على عدم كون ثلاثة أشبار ونصف في الشكل المستدير حدا للكر فيكون الاجماع كاشفا عن أن المراد من الرواية كون الماء مقدارا يكون سطحه من كل ناحية ثلاثة أشبار ونصفا والله العالم * (واما) * المناقشة في الرواية باشتمالها على اعتبار الكرية في البئر * (فيدفعها) * ان غاية ما يلزمنا في المقام رفع اليد عن ظهور الشرطية في السببية المنحصرة لأجل الأدلة الدالة على كون المادة عاصمة عن الانفعال ولا محذور فيه وسيأتي التنبيه على ما يصلح ان يكون نكتة للتقييد في احكام البئر مضافا إلى أن عدم امكان الاخذ بظاهر الرواية من بعض الوجوه لا يقتضى طرحها بالمرة * (ويدل) * على المشهور أيضا رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) إذا كان الماء ثلاثة أشبار ونصفا في مثله ثلاثة أشبار ونصف في عمقه من الأرض فذلك الكر من الماء * (والمناقشة) * في دلالتها بما تقدم مدفوعة بما تقدم وليس كون الكر في الأصل مكيا لا مستديرا على تقدير تسليمه صالحا لصرف ظهور الصدر في إرادة المربع لكون الصدر مفسرا للمراد من الكر من الماء فظهوره هو المحكم في مثل المقام خصوصا مع سبق ذكر المفسر فقوله ذلك الكر من الماء إشارة إلى ما فهم من الصدر فلا يجوز ان يكون استدارة الكر في أصله صارفا له عن ظهوره والمراد من الرواية والله العالم * (ان) * الماء ان كان سعته مطلقا إلى من جميع جوانبه ثلاثة أشبار ونصفا حال كون هذه المسافة ثابتة في تمام عمقه الذي هو أيضا ثلاثة أشبار ونصف فذلك الكر من الماء * (ويمكن) * ان يناقش في دلالتها بأنه ليس في هذه الرواية تصريح بكون ثلاثة أشبار ونصف عرضه حتى يقال إن ذكره يغنى عن ذكر الطول فمن الجائز ان يكون المراد من هذه الرواية مجموع مسطح ثلاثة أشبار ونصف بان كان مثلا عرضه شبرا وطوله ثلاثة أشبار ونصف فيكون مجموع مكعبه اثنى عشر شبرا وربع شبر * (ويدفعها) * وجوب تقييد هذه الرواية يكون ثلاثة أشبار ونصف عرض مسافة الماء للرواية المتقدمة وغيرها من الاخبار مضافا إلى الاجماع على عدم كون هذا المقدار حدا للكر الكاشف عن عدم كون ثلثه أشبار ونصف على اطلاقها مقصودة بالرواية بل المتأمل في نفس الرواية وغيرها من القرائن الداخلية والخارجية لا يكاد يرتاب في عدم إرادة ذلك وكيف كان فهذان الخبران نصان في زيادة النصف على الثلاثة فيرجحان على رواية إسماعيل بن جابر قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الماء الذي لا ينجسه شئ فقال كر قلت وما الكر قال ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار لاحتمال سقوط لفظ النصف فيها وعدم احتمال زيادته في الروايتين مع اعتضادهما بالشهرة والاجماع والمنقول وغيرهما من المؤيدات التي سنشير إلى جملة منها وربما [يق] في ترجيح رواية إسماعيل بان هذه المسافة أقرب إلى ما ورد من التحديد بالقلتين و الحب وأكثر من راوية ففي رواية عبد الله بن مغيرة عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شئ * (وفي) * مرسلته الأخرى عن بعض أصحابه عنه (ع) قال الكر من الماء نحو حبي هذا وأشار إلى حب من تلك الحباب التي تكون بالمدنية * (وفي) * رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له رواية من ماء سقطت فيها فارة أو جرذ أو صعوة ميتة قال (ع) إذا تفسخ فيها فلا تشرب من مائها ولا تتوضأ وصبها وان كان غير متفسخ فاشرب منه وتوضأ واطرح الميتة إذا أخرجتها طرية وكذلك الجرة وحب الماء والقربة وأشباه ذلك من أوعية الماء * (و) * في الجميع نظر ظاهر إذ لا امتناع عادة في أن يسع الحباب الكبار المتعارفة في أزمنتهم ألفا ومأتي رطل بالعراقي واما القلتان فهما الجرتان العظيمتان * (وقد) * قيل إنهما من قلال هجر وكان يسع كل واحدة منها ثلث قرب أو أربع إلى خمس أو ست قرب من الماء ويدل على كون القلة المتعارفة في أزمنتهم كذلك الروايتان الآتيتان واما الرواية الأخيرة فلا يمكن الاخذ بظاهرها بل لا بد من رد علمها إلى أهله إذ بعد توجيه التفصيل بين المتفسخة وغيرها بدعوى ورودها مورد الغالب من كون المتفسخة موجبة لتغير الماء في الغالب دون غيرها فهي من أدلة القائلين بعدم انفعال الماء القليل بملاقاة النجس فيعارضها جميع الأدلة المتقدمة في محلها ولا يمكن تقييد الاطلاق القربة وأشباهها من أوعية الماء بما إذا كان مائها كرا لأنه
(٢٩)