وبلادها في جميع البلاد التي ينقل غالب أمتعتهم فيها أو إليها تسهيلا للضبط والمحاسبة الا ترى ان عيار التجار والعطارين و غيرهم من المعاملين الذين يشتغلون ببيع أمتعة البلاد النائية متحدة غالبا مع عيار تلك البلاد وان كان لكل بلد عيار خاص فكذا في عصر الأئمة عليهم السلام والظاهر أن العيار المتعارف المشترك في عصرهم هو العيار العراقي وان كان لأهل كل بلدة وناحية حتى نواحي العراق عيار خاص بهم والحاصل ان من تتبع الآثار والامارات لا يكاد يرتاب في أن الرطل العراقي كان شايعا متعارفا في المدنية في تلك الأزمنة والغرض من الاستشهاد برواية الشن ليس إلا اثبات ذلك فلا وقع للمعارضة باستعمال بالرطل في غير واحد من الاخبار في الرطل المدني لان استعماله في المدني معلوم لا يحتاج إلى الاستدلال بالروايات الواردة وانما المقصود جواز إرادة العراقي كالمدني من مطلقات الاخبار فرواية الشن كافية في اثبات المطلوب إذ ليس المقام بعد ثبوت اصلى المعنى في الجملة مما يتمشى فيه أصالة عدم الاشتراك أو ان المجاز خير من الاشتراك وغير ذلك كما لا يخفى وجهه و [ح] نقول إذا ورد لفظ الرطل في رواية فهو في حد ذاته مردد بين معنيين بل معاني لو احتملنا كون المكي أيضا شايعا في المدينة كما يساعد عليه الاعتبار * (ويؤيده) * صيغة الجمع في كلام السائل في الرواية السابقة أو احتملنا كون الإمام (ع) حال صدور الرواية منه في مكة المشرفة زاد الله شرفها فلابد تعيين بعض المحتملات من معين وليس في الأصول المعتبرة ما ينفع في تعيين شئ من المحتملات اما بالنسبة إلى العراقي فلما عرفت واما بالنسبة إلى المكي فلانه لو سلم اعتبار أصالة عدم شيوعه في المدينة فأصالة عدم كون الإمام (ع) في مكة غير أصيل والظاهر أن عرف البلد مقدم على غيره في مقام الدوران خصوصا إذا كان موافقا العرف المتكلم أو المخاطب ومن المعلوم أنه ليس شئ من الأصول المعتبرة وافيا بتعيين مكان الإمام (ع) حال صدور الرواية * (فتحصل) * من مجموع ما ذكرنا أن كل واحد من المرسل والصحيح مجمل في حد ذاته قابل لإرادة كل من المعاني الثلاثة وضم كل منهما إلى الاخر قرينة معينة للمراد منهما بشهادة العرف كما لو كان لفظ المن مشتركا بين مقدار ونصفه وبين مقادير أخرى وقال القائل ان جاءك زيد فاعطه منا من الحنطة ثم قال إن جاءك زيد فاعطه منين يرفع كل واحد منهما الاجمال عن الاخر ويتعين المراد من بين سائر المعاني وان كانت كثيرة ووجهه واضح فيجب بمقتضى الجمع بين الروايتين حمل الصحيح على الرطل المكي والمرسل على العراقي * (ويؤيد) * هذا الحمل كون محمد بن مسلم على ما قيل من أهل الطائف وهو من توابع مكة كما أن كون المرسل عراقيا لا يخلو عن تأييد لقوة احتمال سماعة من مشائخه الذين هم من أهل العراق أو احتمال كونه تفسيرا باصطلاحهم وكونه كذلك مما يقرب إرادة هذا المعنى لا انه دليل حتى يتوجه عليه المناقشة في صغراه بان المرسل غير المخاطب وفي كبراه بان عرف البلد مقدم هذا مع أن حمل الرطل في الصحيح على المكي متعين لان حمله على المدني أو العراقي يستلزم طرحه لمخالفته للاجماع على ما صرح به غير واحد ولمعارضته برواية علي بن جعفر الواردة في انفعال ألف رطل من الماء وقع فيه أوقية من البول بل وكذا حمله في المرسل على العراقي متعين إذ لو حمل على المكي أو المدني يستلزم أن لا يكون الماء البالغ ثلثا وأربعين شبرا كرا فينافيه الاخبار الآتية فهي قرينة معينة لإرادة الرطل العراقي كما سيتضح لك تقريبه عند التعرض للجمع بين التقديرين [انش] واما الرطل العراقي فالمشهور كما في الحدائق وغيره انه مئة وثلاثون درهما ثلثا المدني والدرهم نصف مثقال شرعي وخمسه فكل عشرة دراهم [ح] سبعة مثاقيل والمثقال الشرعي الثلاثة أرباح الصيرفي فهو [ح] مثقال وثلث شرعي وقد صرح بجميع ذلك جملة من أعاظم الأصحاب ولم ينقل الخلاف في شئ منها عدا ما عن المنتهى والتحرير من تفسير الرطل العراقي في زكاة الغلات بأنه مئة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم ولكن عن الأول في المقام والثاني في زكاة الفطرة موافقة المشهور والظاهر أن مستنده تصريح بعض اللغويين بذلك قال في المجمع حاكيا عن المصباح الرطل معيار يوزن به وكسره أكثر من فسخه وهو بالبغدادي اثنتا عشرة أوقية والرطل تسعون مثقالا وهي مئة درهم وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم ولكنك خبير بان لا يجوز رد شهادة جل الفقهاء لأجل تصريح بعض اللغويين خصوصا فيما لا اختصاص لهم بمعرفته هذا مع أنه لا مانع عن صيرورته في زمان صاحب المصباح كذلك فضلا عن انه يستفاد ما عليه المشهور من مكاتبة جعفر بن إبراهيم بن محمد الهمداني قال كتبت إلى أبي الحسن (ع) على يدي انى جعلت فداك ان أصحابنا اختلفوا في الصاع بعضهم يقول الفطرة بصاع المدني وبعضهم يقول بصاع العراقي قال فكتب إلى الصاع ستة أرطال بالمدني وتسعة أرطال بالعراقي قال وأخبرني أنه يكون بالوزن ألفا ومأة وسبعين وزنة الوزنة بالكسر مفسرة بالدرهم فيكون الرطل العراقي الذي هو تسع المجموع مئة وثلثين درهما وقيل في تقريب الاستدلال وجه اخر وهو ان الرواية صريحة في كون الرطل العراقي ثلثي رطل المدني ولا خلاف ظاهرا في أن المدني مئة وخمسة وتسعون درهما وثلثا مئة وثلاثون درهما والله العالم * (واما) * الرطل المكي فقد صرح غير واحد بأنه ضعف العراقي كما يشهد بذلك جمعهم بين الروايتين بحمل الصحيح على المكي والمرسلة على العراقي فالرطل العراقي واحد وتسعون مثقالا شرعيا وثمانية وستون وربع المثقال الصيرفي فالكر على المشهور يبلغ مئة الف وتسعة آلاف ومأتين مثقالا شرعيا وبالمثاقيل الصيرفية يبلغ واحدا وثمانين الف وتسع مئة مثقال وبالمن التبريزي المتعارف
(٢٧)