فتأمل ثم إن المتبادر من السؤال في الرواية الأولى بل وكذا الثانية إرادة حكم ما إذا أدركت الوقت طاهرة متمكنة من فعل الصلاة على الوجه المتعارف بشرائطها المتعارفة من الطهارة وستر البدن ونحوهما فأخرتها حتى حاضت والحكم في مثل هذا الفرض مما لا خلاف فيه بل لا شبهة تعتريه حيث يدل عليه مضافا إلى ما عرفت عمومات الأدلة القاضية بقضاء الفرائض مطلقا المخصصة بالنسبة إلى الفرائض التي تركتها الحائض وقت حيضها بالأدلة القطعية المنصرفة عن مثل الفرض فإنه وان صدق في المقام حقيقة ان هذه الصلاة مما تركته الحائض ما دام حيضها لأجل الحيض إذ لم ينحصر وقتها بأول الوقت فكان آخر الوقت أيضا وقتا لها فتركتها في وقتها لأجل الحيض الا انه لا ينسبق إلى الذهن من الأدلة المخصصة الا حكم ما إذا كان الحيض بنفسه سببا لترك الصلاة بان لم تكن متمكنة من فعلها من دون حدث الحيض واما لو تمكنت من ذلك فينصرف عنه اطلاقات الأدلة ولا يفهم حكمها منها جزما كما يشهد بذلك مراجعة العرف وأسئلة السائلين فالمرجع في مثل الفرض ليس إلا عموم الامر بالقضاء * (وقد) * ظهر بما ذكر أنه ان كان حيضها قبل ذلك بان لم يتأخر عن وقت الصلاة بمقدار أدائها مع مقدماتها التي يتعارف ايجادها في الوقت كالطهارة والستر لم يجب قضائها كما عن المشهور لعموم ما دل على أن الحائض لا تقضى صلاتها الشامل للفرض بلا تأمل ويؤيده موثقة سماعة عن أبي عبد الله (ع) عن امرأة صلت الظهر ركعتين ثم إنها طمثت وهي جالسة قال تقوم من مقامها ولا تقضى تلك الركعتين فتأمل * (و) * عن العلامة في المنتهى الاستدلال عليه بان وجوب الأداء ساقط الاستحالة التكليف بما لا يطاق ووجوب القضاء تابع لوجوب الأداء وقد صرح بالتبعية المذكورة غير واحد فجعلها دليلا على وجوب القضاء في الصورة السابقة وعدمه في هذه الصورة بزعم دوران صدق الفوت المعلق عليه وجوب القضاء في جملة من أدلته مدار وجوبها أداء وهو فرع التمكن فمتى تمكنت من الصلاة في الوقت بان مضى منه مقدار الطهارة والصلاة فقد وجبت فإن لم يأت بها في وقتها والحال هذه فقد فائتها مصلحة الصلاة الواجبة فعليها قضائها بخلاف ما لو لم تتمكن من ذلك فلم يفتها واجب كي يجب قضائه * (وفيه) * ان المستفاد من أدلة القضاء انما هو اناطته بعدم اتيان الصلاة في وقتها وان هذا هو المراد من الفوت ولا يتوقف على ثبوت امر منجز والا لما وجب على النائم والغافل ولا على عدم كون الفعل محرما عليه أداء والا لما وجب على من أكره على ترك الصلاة على وجه حرم عليه فعلها في وقتها بل المدار ليس الأعلى ترك الصلاة في الوقت بل لا يبعد ان يقال إنه يستفاد من الامر بالقضاء ان الأوامر المتعلقة بالصلاة من قبيل تعدد المطلوب فكونها في الوقت مطلوب لكن بفوات الوقت لا يفوت المطلوبية ولا ينافي هذا ما هو التحقيق من أن القضاء بأمر جديد كمالا يخفى * (هذا) * مع أنه يكفي في صدق الفوت مجرد شأنية الثبوت ولو بملاحظة نوع المكلفين وتوهم توقفه على ثبوت مصلحة فعلية ممكنة الحصول في الوقت الموظف بالنظر إلى خصوص المكلف كما في النائم والغافل * (مدفوع) * بان اطلاق العرف الفوائت على الصلاة ليس إلا بملاحظة نفسها لا مصلحتها بل ربما لا يلتفتون إلى مصلحتها بل ربما ينكرون المصلحة كالأشاعرة فلا فرق فيما يتفاهم عرفا بين قول المجتهد لمقلده يجب عليك قضاء ما فاتتك من الصلاة أو قضاء ما لم تأت بها في وقتها هذا مع أن في جملة من الاخبار المعللة لنفى القضاء على الحائض شهادة بأنه من قبيل رفع التكليف بحيث لولاه لوجب عليها قضاء الصلاة أيضا كالصوم مع أنه لو تم هذا الدليل بان كان وجوب القضاء دائرا مدار صدق الفوت وتوقف حصول عنوانه على ثبوت كون الفعل مأمورا به في الوقت لكن المتجه ما حكى عن العلامة في النهاية من عدم اعتبار وقت يسع الطهارة وكفاية كونه بمقدار مجرد فعل الصلاة بل الأوجه كفاية مضى مقدار صلاة اضطرارية فضلا عن الاختيارية لأنها مكلفة بذلك في الواقع وإن لم تطلع عليه في مقام تكليفها ولذا لا ينبغي التأمل في أنها لو فرض علمها قبل الوقت بمفاجأة الحيض بعد الوقت بمقدار يسع صلاة اضطرارية يجب عليها المبادرة إلى تحصيل مقدماتها قبل الوقت والاشتغال بنفس الفعل في أول الوقت كما عرفت تحقيقه في صدر الكتاب في مسألة وجوب الغسل لصوم اليوم مع أنه لا يظن بأحد ان يلتزم بوجوب القضاء عليها في مثل الفرض كما أنه لا يظن بأحد ان يلتزم بعدم وجوب الأداء عليها في الصورة المفروضة على تقدير سبق العلم وان استشكل من استشكل في تصور وجوب المقدمة قبل وجوب ذيها فإن كان مناط صدق الفوت بزعم المستدل فوات مصلحة الواجب بشرط امكان ان يحصلها المكلف ففي الفرض محقق وان كان مناطه فوات امتثال الامر الواقعي المتوقف حصوله على ثبوت الامر في الواقع وإن لم يعلم به المكلف فهو أيضا كذلك وان كان المناط بزعمه تنجز الامر الواقعي لا مجرد تحققه فهذا ممالا يعتبره أحد في وجوب القضاء بل مخالف للضرورة فالتحقيق ان الحكم بعدم القضاء يدور مدار انصراف الأدلة الخاصة المخصصة للعمومات والمتبادر منها ليس إلا عدم وجوب قضاء صلاة كان الحيض موجبا لامتناع تحققها صحيحة بحسب حالها في العرف دون ما إذا تمكنت عرفا من فعلها صحيحة قبل أن تحيض وحكى عن المرتضى وأبى على قدس سرهما القول بكفاية ما يسع أكثر الصلاة واستدل لهما بخبر أبى الورد عن أبي جعفر عليه السلام عن المرأة التي تكون في صلاة الظهر وقد صلت ركعتين ثم ترى الدم قال (ع) تقوم من مسجدها ولا تقضى الركعتين وان كانت رأت الدم وهي في صلاة المغرب وقد
(٢٨٣)