زمان يمكن ان يكون حيضا فيكون حيضا وقضية هذا الدليل كون هذه القاعدة وهي كلما أمكن ان يكون حيضا فهو حيض في حد ذاتها من المسلمات بحيث يستدل بها لا عليها وعن ظاهر بعض دعوى الاجماع عليها بل في الجواهر انها قصد المعاصرين ومن قاربهم من القطعيات التي لا تقبل الشك والتشكيك حتى أنهم أجروها في كثير من المقامات التي يشك في شمولها لها ككون حد اليأس مثلا ستون سنة وعدم اشتراط التوالي في الثلاثة ونحو ذلك من المقامات التي وقع النزاع في امكان كونه حيضا عند الشارع وعدمه وهو لا يخلو من تأمل إذ الظاهر على ما هو المستفاد من بعضهم كالشهيد في الروضة وغيره انه بعد تسليمها تختص بما علم امكان حيضيته عند الشارع كان تكون المرأة مثلا بالغة غير يائسة ورأت الدم ثلاثة أيام متواليات ولم يكن مسبوقا بما يمنع من الحكم بحيضيته ولم تكن حبلى عند من اختار ان الحبلى لا تحيض فإنها تحكم [ح] بالحيضية لأنه زمان يعلم صلاحيته للحيض شرعا انتهى فالمراد من الامكان على ما صرح به الشهيد هو الامكان في الواقع وفي نظر الشارع كما هو المتبادر من لفظ الامكان لا الامكان الاحتمالي كما تخيله من تمسك بعموم القاعدة في مواقع النزاع ولكن الانصاف ان المعنى الثاني هو الذي ينسبق إلى الذهن في خصوص المقام بحيث لو كان لنا خبر معتبر بهذا المضمون لكنا نحمله عليه إذ من المستبعد جدا إرادة الامكان الواقعي في مقام تأسيس قاعدة ظاهرية يرجع إليها الشاك في مقام العمل كيف ولو أريد الامكان الواقعي على الاطلاق كما هو مقتضى ظاهر اللفظ لتعذر الاطلاع عليه عند الجهل بكون الدم الموجود حيضا إذ لا واسطة في الممكنات بين الامتناع العرضي والوجوب العرضي حيث إنه عند تحقق علة التامة يجب وعند انتفائها يمتنع فيصير على هذا التقدير معنى كلما لم يمتنع ان يكون حيضا فهو حيض كلما وجب ان يكون حيضا فهو حيض وهو كما ترى وحمل الامكان على الامكان الواقعي لكن بالنظر إلى الموانع الكلية المقررة في الشريعة كما هو ظاهر الشهيد وغيره لا الموانع الشخصية المحتملة في خصوصيات الموارد ليس بأولى من إرادة الامكان الاحتمالي بل الامر بالعكس ولكنك خبير بان هذا النحو من الترجيحات انما يتمشى على تقدير احراز كون هذه الفقرة بلفظها صادرة من الإمام (ع) لا في مثل ما نحن فيه فان مجرد وقوعها في معاقد اجماعاتهم المنقولة لا يكشف عن ذلك خصوصا مع معلومية عدم التزام كثير من نقلة الاجماع بعموم القاعدة بهذا المعنى وتفسير بعضهم لها بالمعنى الأول وكيف كان فالمتبع هو الدليل والذي يقتضيه التحقيق ويشهد به التتبع والتأمل في الاخبار وسيرة الناس في جميع الموارد هو ان كل احتمال ينافيه أصالة السلامة لا يلتفت إليه لان أصل السلامة أصل معتبر معتمد عليه عند العقلاء كافة في جميع أمورهم معاشا ومعادا ومعلوم ان الحيض دم يقذفه الرحم بمقتضى طبعه واما الاستحاضة فإنه وان قلنا بأنها لا تكون الا من آفة الا ان افتها عامة فلا يبعد ان يقال إنها ليست بحيث ينافيها أصالة السلامة فلو تردد الدم بين كونه حيضا أو استحاضة وبين كون من قرح أو جرح أو علة أخرى مجهولة الأصل فلا يعتنى بسائر الاحتمالات بل يبنى على كونه حيضا أو استحاضة هذا إذا لم تكن العلة متحققة واما إذا أحرز وجودها كما لو علم بكون الجوف مجروحا أو مقروحا أو بحصول الاقتضاض المقتضى لخروج الدم وشك في كون الدم منه أو من الحيض فلا يتمشى الأصل إذ لاشك في عدم السلامة فلا بد [ح] من الرجوع إلى ما جعله الشارع طريقا لتشخيص كل من الدمين كخروج القطنة مطوقة أو منغمسة أو من الجانب الأيسر ونحوه واما لو تردد الدم بين كونه حيضا أو استحاضة فيشكل البناء على كونه حيضا لما عرفت من امكان المناقشة في أصالة السلامة النافية لاحتمال كونه استحاضة من حيث كثرة الابتلاء بها وقد أشرنا إلى أن الاعتماد على أصالة السلامة بالنسبة إلى الآفات العامة البلوى مشكل خصوصا في مثل هذه الآفة التي لا تعد آفة في العرف والعادة اللهم الا ان يمنع كثرتها ويدعى وضوح كون الاستحاضة في العرف والعادة منشأها اختلال المزاج فيكون احتمال كون الدم استحاضة على هذا التقدير كسائر الاحتمالات مما لا يعتنى به لدى العقلاء ما لم يقم عليه امارة كما يؤيد هذه الدعوى بل يقررها التدبر في اخبار الباب وفي أسئلة السائلين وسيرة النساء فان المتأمل فيها لا يكاد يرتاب في أن احتمال كون الدم الخارج منهن ما عدا دم الحيض لم يكن احتمالا في عرض احتمال كونه حيضا بل لم تكن المرأة ملتفتة إلى سائر الاحتمالات حتى الاستحاضة الا إذا أحست خللا في مزاجها كان استمر بها الدم شهرا أو شهرين أو رأت الدم ساعة والطهر أخرى أو رأت الدم ثلاثة أيام أو أربعة والطهر كذلك وهكذا بحيث لولا الاختلال لما اعتنت باحتمال كون ما تريها من الدم غير حيض أصلا فالانصاف انه لو قيل إن الأصل في دم النساء لديهن على هو المغروس في أذهانهن هو الحيض بمعنى عدم اعتنائهن لسائر الاحتمالات ما لم يكن عن منشأ عقلائي مانع من جريان أصالة السلامة لم يكن بعيدا بل ربما يقربه بحيث يكاد يلحق بالبديهيات ملاحظة اخبار متظافرة متكاثرة امرة بترتيب اثار الحيض برؤية الدم من دون اعتناء بسائر الاحتمالات مثل الأخبار المستفيضة المتقدمة الدالة على أن ما تراه المرأة قبل العشرة فهو من الحيضة الأولى وما تراه بعدها فهو من الحيضة المستقبلة ورواية يونس المتقدمة الواردة فيمن ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة وترى الطهر ثلاثة أو أربعة ورواية أخرى قريبة منها ورواية أخرى فيمن ترى الدم ساعة والطهر كذلك وهكذا وما ورد من تحيض الحامل بالدم معللا بأنه ربما قذفت المرأة الدم وهي حبلى وما ورد فيما تراه المرأة قبل عادتها من أنه من الحيض معللا بأنه ربما تعجل بها الوقت وما ورد من
(٢٧١)