خلافه ثم قال مولاي اعلم بما قال وانا امتثل امره فكان يعمل في وضوئه على هذا الحد ويخالف ما عليه جميع الشيعة امتثالا لامر أبى الحسن (ع) وسعى بعلى بن يقطين إلى الرشيد وقيل إنه رافضي فامتحنه الرشيد من حيث لا يشعر فلما نظر إلى وضوئه ناداه كذب يا علي بن يقطين من زعم انك من الرافضة وصلحت حاله عنده وورد عليه كتاب أبى الحسن (ع) ابتداء من الآن يا علي بن يقطين توضأ كما امرك الله تعالى اغسل وجهك مرة فريضة وأخرى اسباغا واغسل يديك من المرفقين كذلك وامسح بمقدم رأسك وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك فقد زال ما كنا نخاف منه عليك والسلام وعن محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي في كتاب الرجال بسنده فيه عن داود الرقي قال دخلت على أبي عبد الله (ع) فقلت له جعلت فداك كم عدة الطهارة قال ما أوجبه الله فواحدة وأضاف رسول الله صلى الله عليه وآله واحدة لضعف الناس ومن توضأ ثلاثا ثلاثا فلا صلاة له وانا معه في ذا حي جاءه داود بن زربي فسأله عن عدة الطهارة فقال له ثلاثا ثلاثا من نقص عنه فلا صلاة له قال فارتعدت فرائصي فكاد ان يدخلني الشيطان فابصر أبو عبد الله (ع) إلي وقد تغير لوني فقال يا داود هذا هو الكفر أو ضرب الأعناق قال فخرجنا من عنده وكان ابن زربي إلى جوار بستان أبى جعفر المنصور وكان قد القى إلى أبي جعفر امر داود بن زربي وانه رافضي يختلف إلى جعفر بن محمد (ع) فقال أبو جعفر المنصور انى مطلع على طهارته فان هو توضأ وضوء جعفر بن محمد (ع) فانى لأعرف طهارته حققت عليه القول وقتلته فاطلع وداود يتهيأ للصلاة من حيث لا يراه فاسبغ داود بن زربي الوضوء ثلاثا ثلاثا كما امره أبو عبد الله (ع) فما تم وضوئه حتى بعث إليه أبو جعفر المنصور فدعاه قال فقال داود فلما ان دخلت عليه رحب بي وقال يا داود قيل فيك شئ باطل وما أنت كذلك قد اطلعت على طهارتك وليس طهارتك طهارة الرافضة فاجعلني في حل وأمر له بمئة ألف درهم قال فقال داود الرقي التقيت انا وداود بن زربي عند أبي عبد الله (ع) فقال له داود جعلت فداك حقنت دمائنا في دار الدنيا ونرجوا ان ندخل بيمنك وبركتك الجنة فقال أبو عبد الله (ع) فعل الله ذلك بك وبإخوانك من جميع المؤمنين فقال أبو عبد الله (ع) لداود بن زربي حدث داود الرقي بما مر عليكم حتى تسكن روعته قال فحدثته بالأمر كله قال فقال أبو عبد الله (ع) لهذا فتيته لأنه كان أشرف على القتل من يد هذا العدو ثم قال يا داود بن زربي توضأ مثنى مثنى ولا تزدن عليه وانك ان زدت عليه لا صلاة لك ولقد نقلنا الحديثين بطولهما للتيمن وابتهاج المؤمنين برؤية مثل هذه الأخبار وسرورهم بدعاء الصادق لهم صلوات الله وصلوات جميع خلقه عليه وعلى ابائه الطاهرين وأولاده المعصومين ولعنة الله على أعدائهم والشاكين فيهم أجمعين إلى يوم الدين هذا مع ما فيها من القرائن التي تشهد ببطلان بعض المحامل التي التزم بها بعض من حاول الجمع بين اخبار الباب كحمل هذه الأخبار المستفيضة التي كادت تكون صريحة في استحباب الغسلة الثانية بنفسها على التقية كما عن المنتقى أو على أن المراد من قوله الوضوء مثنى مثنى استحباب تجديد الوضوء كما عن الصدوق لا تكرير الغسلات أو انه (ع) أراد بقوله مثنى مثنى غرفتين لغسلة واحدة كما عن المحدث الكاشاني فيكون الفضل في اتيان كل غسلة بغرفتين أو انه أراد من مثنى مثنى غسلتان ومسحتان لا كما يزعمه المخالفون من أنه ثلاث غسلات ومسحة كما عن المحقق البهائي أو ان المراد استحباب إسباغ الغسلة الأولى بالثانية إذا كانت ناقصة بكونها على وجه لا يتحقق بها الا أقل مسمى الغسل المجزى فيستحب حينئذ اسباغها بغسلة ثانية لا كمالها كما في الحدائق إلى غير ذلك من المحامل التي لا تتحمل شيئا منها مجموع الأخبار المتقدمة وان أمكن الالتزام ببعضها بالنسبة إلى بعض الأخبار بشهادة بعض القرائن الداخلية والخارجية كلفظ الاسباغ في جملة من الاخبار كما لا يخفى على المتأمل ولقد أطنب في الحدائق في نقل الاحتمالات التي ابدئها الاعلام رضوان الله عليهم وأتعب باله في النقض والابرام إلى أن آل فكره إلى اختياره بعض المحامل التي تقدمت الإشارة إليها والى ضعفها وعدم امكان تطبيق اطلاقات جل الاخبار بل كلها عليها وقد تكلفوا في ارتكاب مثل هذه التوجيهات التي لا يخفى مخالفتها لظاهر الاخبار ومع خلوها عن الشواهد التي يمكن الاستناد إليها لما رأوا من التنافي بين هذه الأخبار وغيرها مما يستظهر منها رجحان ترك التثنية منها الأخبار المستفيضة الحاكية لوضوء رسول الله صلى الله عليه وآله الظاهرة في كون وضوئه مرة مرة بل بكف كف لكل من الأعضاء المغسولة وفيما أرسله في الفقيه عن الصادق (ع) والله ما كان وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله الامرة مرة وتوضأ النبي صلى الله عليه وآله مرة مرة فقال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة الا به وقوله وتوضأ إلى آخره يحتمل ان يكون من مقول قول الصادق عليه السلام ومن كلام الصدوق فيكون خبرا مقطوعا وفي خبر عبد الكريم عن الصادق (ع) ما كان وضوء علي (ع) الامرة مرة ولكنك خبير بعدم معارضة هذه الأخبار للاخبار السابقة خصوصا مع ما في بعض الأخبار السابقة من أن النبي صلى الله عليه وآله توضأ مثنى مثنى لان ترك التثنية في مقام العمل لا يدل على عدم رجحانها في حد ذاتها فضلا عن معارضته للقول لجواز ان يكون تركها منهم (ع) لامر أهم ولو مثل الاستباق والمسارعة إلى غايات الوضوء كما هو الشأن في جميع المستحبات المتزاحمة التي كانوا يتركونها لتفضيل الأرجح عليها ومن المعلوم ان رجحان الغسلة الثانية في حق المعصومين المنزهين عن الغفلة في وضوئهم ليس بحيث يزاحم شيئا من الأمور الراجحة حيث إن الحكمة في شرعها على ما يظهر من بعض
(١٧٨)