مخصوص لا يغتسلون الا بعد ازالتهما نعم في مثل احتمال لصوق الشمع والقير ونحوهما مما يظن بلصوق شئ منه بالبدن حين المباشرة ويندر ابتلاء المكلف به ربما يلتزمون بالفحص في مظان لصوقه من باب حسن الاحتياط لا غير كما يظهر وجهه عند ضيق الوقت وغيره من موارد الضرورة فالانصاف ان دعوى السيرة في محلها الا انه لا اختصاص لها بالمتشرعة ولا خصوصية لها بالمقام بل هي سارية جارية في كل محتمل الوجود لدى جميع العقلاء بمعنى ان العقلاء بأسرهم استقرت طريقتهم على ترك الاعتناء باحتمال وجود ما لوجوده اثر في رفع اليد عما كانوا عليه في أمور معاشهم ومعادهم ولأجل هذا الامر المغروس في أذهانهم لا يعتنون باحتمال وجود المانع فيما نحن فيه وكذا لا يعتنون باحتمال وجود القرينة في رفع اليد عما يقتضيه ظاهر القول والفعل لا ان للمتشرعة في خصوص ما نحن فيه وللعقلاء في خصوص مباحث الألفاظ قاعدة تعبدية واصلة إليهم من اسلافهم كما يشهد به صريح الوجدان وقد أوضحناه في الأصول بما لا مزيد عليه وحققنا فيه أن مقتضاه حجية الاستصحاب فيما عدا الشك في المقتضى من باب بناء العقلاء والأخبار الناهية عن نقض اليقين بالشك كلها منزلة عليه وأثبتنا فيه أن مقتضاه لزوم ترتيب الأحكام المترتبة على نفس المستصحب بنظر العرف لا الأحكام المترتبة على ما هو من اللوازم عدم الرافع بمعنى انه لا يقتضى حجية الأصول المثبتة بل يقتضى عدمها فلذا حكمنا فيما لو شك في حاجبية الخاتم بوجوب الايصال القاعدة الشغل واستصحاب الحدث ما لم يقطع بزواله والفرق بينه وبين الشك في أصل المانع بعينه هو الفرق بين الشك في وجود القرينة والشك في قرينية ما احتف بالكلام وليس الشك في مانعية الموجود مطلقا من هذا القبيل فان الشك في ناقضية المذي من قبيل الشك في قرينية القرينة المنفصلة ولا بأس بتوضيح المقام بالتكلم في وجه حجية الاستصحاب وبيان مقدار دلالة دليله حتى يرتفع به غشاوة الأوهام فإنه من المهام * (فأقول) * وبالله الاستعانة إذا راجعت أهل العرف وتتبعت في طريقة العقلاء لوجدتهم لا يعتنون باحتمال وجود ما يقتضى خلاف ما بأيديهم من العمل الذي يعملونه بمقتضى أغراضهم العقلائية ويزعمون ان الاعتناء بالشك في ترك ما بأيديهم من العمل نقض لليقين بالمحتمل الا ترى ان من قلد مجتهدا لا يرفع اليد عن تقليده بمجرد احتمال موت المجتهد وكذا أرباب الملل لا يعتنون باحتمال نسخ دينهم أو نسخ حكم خاص في شريعتهم ما لم يثبت لديهم نسخه ومن كان وكيلا عن شخص غائب قائما مقامه في دكانه ملتزما بالقيام بالوظائف التي كانت عليه كالانفاق على زوجته وأولاده وحفظ أمواله لا يعتزل عن عمله ما لم يعلم بموت موكله بل لا يعهد عن عاقل رفع اليد عن شئ من هذه الأمور بمجرد الاحتمال بل لا يعملون بالظن أيضا ما لم يكن من طريق عقلائي معتبر كاخبار الثقة ونحوه وكذا العبد المأمور بعمل مدة حيوة موليه ليس له رفع اليد عن عمله المأمور به بمجرد احتمال موت المولى أو عتقه أو فسخ عزمه أو غير ذلك من روافع التكليف بل لو تركه متعذرا باحتمال موت المولى أو فسخ عزمه يعد عند العقلاء مثل هذا العبد سفيها هذا إذا احتمل رفع الحكم الثابت واما لو احتمل ابتداء صدور حكم من موليه أو ثبوت شئ يترتب عليه حكم مولوي لا يجب عليه الالتفات إليه بحكم العرف وشهادة العقلاء وهذا هو الذي نسميه في الشرعيات بالبراءة الأصلية والوجه في ذلك كله ليس إلا بناء العقلاء على عدم اعتدادهم بالشك أصلا وعدم ترتيب اثر الوجود على شئ الا بعد احراز موضوعه ولذا لو سئلوا عن علة بقائهم على ما كانوا عليه يعللون بعدم ثبوت خلافه فما يتوهم من أن عمل العقلاء بالاستصحاب لأجل افادته الظن بالبقاء * (مدفوع) * أولا بانا نجد من أنفسنا ان علة البقاء أولا وبالذات ليس إلا عدم الاعتداد بالشك وثانيا بما ذكرنا من أن العقلاء تريهم يعللون بقائهم على ما كانوا عليه بعدم ثبوت خلافه لا بظن بقائه وثالثا بان العمل بالظن في حد ذاته عند العقلاء من المنكرات كما يفصح عن ذلك الآيات الناهية عن العمل بالظن مثل قوله تعالى ان يتبعون الا الظن فإنه بحسب الظاهر تغيير على العاملين بالظن فلو لم يكن العمل بالظن من المنكرات لدى العقلاء لما كان للتغيير به وجه واما ما نرى من أنهم يعملون بظواهر الألفاظ وقول الثقة وغيرهما من الامارات التي لا تعتمد الا الظن فوجهه أيضا ليس إلا عدم الاعتناء باحتمال قرينة المجاز وكذب الثقة لا الاتكال على الظن الحاصل من الامارة من حيث كونه ظنا ولذا لا يعد العامل بمثل هذه الأمور لديهم عاملا بالظن بل يزعمونه آخذا باليقين بنحو من المسامحة والاعتبار والحاصل ان الجرى على ما يقتضيه الحالة السابقة في جميع الموارد التي تقدمت الإشارة إليها على ما يشهد به الوجدان ليس إلا لأجل عدم الاعتداد بالشك نعم في موارد احتمال صدور حكم مولوي أو ثبوت حكم شرعي العقل أيضا مستقل بقبح العقاب من دون برهان الا ان العبد يتركه أولا وبالذات بمحض طبعه اعتمادا على عدم الثبوت من دون التفاته إلى هذا القضية العقلية ومن يزعم أن الاستصحاب ليس حجة لدى العقلاء وان جواز الترك في هذه الصورة انما هو لحكومة العقل بقبح العقاب بلا بيان يلزمه الترخيص في ترك الفعل المأمور به بمجرد الشك في زوال التكليف بعروض ما يقتضى رفعه كموت المولى أو فسخ عزمه أو حصول غايته أو غيرها من الروافع وهو كما ترى واعترض على ما ادعيناه من اعتبار الاستصحاب وحجيته لدى العقلاء بالنقض بان التجار لا يرسلون البضائع إلى شريكهم لو شكوا في حياته
(١٨٣)