ولا يجعلونه وصيا في الأموال أو قيما على الأطفال إلى غير ذلك من الأمثلة التي لا تحصى * (وفيه) * ان الاعتناء بالشك في هذه الموارد انما هو من باب مراعاة الاحتياط والتحرز عن الضرر المحتمل الا ترى أنه لو أخبره ثقة عدل بل ثقات عدول ولم يطمئن بحيوته وعدم ضياع أمواله لا يعتنى بقولهم وكذا لو قال لشريكه اعط كل فقير من أهل بلدك درهما وعلى أدائه واحتمل الشريك إرادة بعض الفقراء لا جميعهم وعلم من حاله انه لا يؤدي الا ما قصده في الواقع لا يعمل بأصالة العموم وعدم قرينه المجاز وهذا لا ينافي حجية أصالة العموم وعدم القرينة وكذا اخبار الثقة لان اثر الحجية انما يظهر فيما لا يمكنهم فيه التخطي على تقدير الحجية كما هو الشأن في احكام الموالى بالنسبة إلى عبيدهم لا في مثل هذه الأمور التي يحسن فيها الاحتياط لدى العقلاء ما لم ينكشف الواقع انكشافا جزميا كما هو ظاهر ثم لا يخفى عليك ان مقتضى ما ذكرنا انما هو حجية الاستصحاب لدى العقلاء فيما عدا الشك في المقتضى واما فيه فمقتضاه عدم الحجية لان مآل كلامنا إلى دعوى أن العقلاء لا يرتبون الأثر على مشكوك الوجود أصلا فلو كان المشكوك مؤثرا في زوال شئ فمقتضى عدم الاعتناء بالشك ترتيب اثار الموضوع الذي يشك في زواله واما إذا تعلق الشك أولا وبالذات بنفس الموضوع كما هو الشأن في الشك في المقتضى فمقتضى عدم الاعتناء بالشك عدم الالتفات إلى وجوده في الزمان الثاني لان وجوده في الزمان الثاني أيضا مما لا بد من احرازه في مقام ترتيب الأثر عليه وليس وجوده السابق طريقا لاثبات وجوده في زمان الشك مثلا إذا علم العبد ان المولى أوجب عليه اكرام زيد وشك بعد مضى الزمان الأول في بقاء الوجوب فإن كان شكه ناشئا عن حصول غايته أو رافعه لا يعتنى باحتمال وجود المشكوك فيمضى على ما كان عليه من اكرام زيد واما ان كان مسهبا عن زوال وصف يحتمل مدخليته في الحكم كما إذا كان زيد في الصبح ضيفا فأوجب اكرامه وشك العبد بعد خروجه من دار المولى وتبدل عنوان ضيفيته هل يجب عليه اكرامه أم لا ففي هذه الصورة ليس للعبد ان يستغل بخدمة زيد امتثالا لامر المولى حيث إن امر المولى بالنسبة إلى الزمان الثاني نفس وجوده أولا وبالذات متعلق الشك وهذا بخلاف الفرض الأول فان الشك فيه انما تعلق أولا وبالذات بوجود ما يزيله فوجوب الاكرام في هذا الفرض حيث إن له وجودا تقديريا كأنه امر محقق بالفعل وبهذه الملاحظة يطلق عرفا على رفع اليد عنه بملاحظة الشك الطاري انه نقض لليقين بالشك ونظيره في مباحث الألفاظ لو امر المولى عبده بشئ وشك في مراده فإن كان منشأ شكه احتمال إرادة معنى مجازى اتكالا على قرينة منفصلة لا يعتد بالمشكوك فيبنى على ما يقتضيه يقينه بصدور الخطاب الدال على ما يقتضيه اللفظ بحسب وضعه واما لو كان منشأ شكه احتفاف نفس الخطاب بما يصلح ان يكون قرينة فليس له ان يرفع اليد عن الحالة التي كان عليها قبل صدور الخطاب حيث إن احتفافه بذلك يجعل مفاده مشكوكا فلا يعتنى به وقد أشرنا فيما سبق إلى أن الشك في حاجبية الموجود من هذا الباب من دون فرق بين ان يكون ما يشك في حاجبيته من قبيل الخاتم الضيق أو من قبيل الجسم الرقيق الملتصق بالبدن الذي يشك في مانعيته من نفوذ الماء لرقته لا لعدم لصوقه فمقتضى القاعدة في مثل المقام استصحاب الحدث لاغير وليعلم ان مقتضى ما ذكرناه من عدم اعتداد العقلاء بالشك في رفع اليد عن الامر الثابت عدم جواز ترتيب اثر المقتضى بالفتح بمجرد احراز مقتضيه مع الشك في وجود ما يمنعه من التأثير كما لو علم أن زيدا شرب سما أو اصابه سهم قاتل واحتمل عدم تأثيره في مزاجه لبعض الموانع من التأثير فإنه لا يكفي ذلك في ترتيب اثار قتل زيد من القصاص واخذ الدية وتقسيم تركته وغيرها وكذا مقتضاه عدم جواز ترتيب الآثار المرتبة على موضوع جديد ملزوم لبقاء المستصحب في الواقع كطول لحيته على تقدير حياته فإنه لا يعتد باحتمال وجود هذا الموضوع حتى يترتب عليه اثاره كاحتمال حصول المقتضى بالفتح في الفرض السابق وكون الشك في حصول المقتضى ووجود هذا الموضوع الجديد مسببا عن الشك في وجود المانع والرافع لا يجدي في اثبات الموضوع الذي أنيط به الحكم إذ ليس معنى أصالة عدم المانع أو الرافع على ما عرفت الا ان العقلاء لا يعتنون باحتمال وجوده في رفع اليد عما كانوا عليه لا انهم يلتفتون إليه ويبنون على عدمه في الواقع حتى يكون الشك في المانع طريقا عقلائيا لاحراز عدمه الواقعي فيترتب عليه اثاره ولوازمه كثبوت المقتضى ووجود الملزوم نعم لو كان المقتضى بنظرهم شديد الاقتضاء بحيث يكون مجرد احرازه كاحراز نفس المقتضى بحيث لا يلتفت الذهن حال الشك الا إلى احتمال وجود المانع لا عدم وجود المقتضى أو كانت الواسطة التي يترتب عليها الحكم الذي يراد ترتيبه بالاستصحاب من الوسائط الخفية التي لا يلتفت العرف في مقام ترتيب الأثر إليها بل يرون الأثر اثر النفس المستصحب فالظاهر اعتبار أصالة عدم المانع والرافع في مثل هذه الموارد بل ربما يساعد عليه الأخبار الناهية عن نقض اليقين بالشك فان المراد من اليقين فيها بحسب الظاهر هو اليقين التقديري الذي يعم مثل الفرض نظير قول القائل رفعت اليد عن يقيني بقول فلان وكيف كان فقد أشرنا فيما سبق إلى أن مفاد اخبار الاستصحاب ليس إلا الامضاء لطريقة العقلاء بل المتأمل في نفس تلك الأخبار لا يكاد يرتاب في ذلك فلو لم يحصل له وثوق بما
(١٨٤)