ظهور الأخبار المتقدمة في وجوب المسح عليها فيجب تقييدها بتلك الأخبار فما استجوده صاحب المدارك من حمل تلك الأخبار على الاستحباب لولا الاجماع على خلافه ضعيف واضعف من ذلك ما يتوهم من معارضة تلك الأخبار برواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن الجرح كيف يصنع به صاحبه قال يغسل ما حوله وما في ذيل حسنة الحلبي المتقدمة قال وسئلته عن الجرح كيف اصنع به في غسله قال (ع) اغسل ما حوله لان السؤال فيهما بحسب الظاهر انما هو عن حكم الجرح المجرد وقد عرفت خروجه من موضوع الأخبار المتقدمة فلا معارضة أصلا وربما يتوهم معارضة مجموع الأخبار المتقدمة باطلاقات الأخبار الكثيرة الامرة بالتيمم كصحيحة البزنطي عن أبي الحسن الرضا (ع) في رجل يصيبه الجنابة وبه قروح أو جروح أو يكون يخاف على نفسه البرد فقال لا يغتسل ويتيمم ومثلها رواية داود بن سرحان عن أبي عبد الله (ع) وكصحيحة محمد بن مسلم قال سئلت أبا جعفر (ع) عن الرجل يكون به القرح والجراحة يجنب قال لا بأس بان لا يغتسل يتيمم ومرسلة الصدوق عن الصادق عليه السلام المبطون والكسير يتيممان ولا يغتسلان وحسنة ابن أبي عمير عن محمد بن مسكين وغيره عن أبي عبد الله (ع) قال قيل له ان فلانا اصابته جنابة وهو مجدور فغسلوه فمات فقال قتلوه الا سئلوا الا يتمموه ان شفاء العي السؤال وعن مستطرفات السرائر نقلا عن كتاب محمد بن علي بن محبوب عن ابن أبي عمير مثله إلا أنه قال قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله وذكر الحديث وكرواية جعفر بن إبراهيم الجعفري عن أبي عبد الله (ع) قال إن النبي صلى الله عليه وآله ذكر له ان رجلا اصابته جنابة على جرح كان به فامر بالغسل فاغتسل فكز فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وآله قتلوه قتلهم الله انما كان دواء العي السؤال وموثقة محمد بن مسلم عن أحدهما في الرجل تكون به القروح في جسده فتصيب الجنابة قال يتيمم وعن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال يتيمم المجدور والكسير بالتراب إذا اصابته جنابة وقد ذكروا للجمع بين الاخبار وجوها كحمل الاخبار التيمم على غير ذي الجبيرة وحمل ما عداها على ذي الجبيرة أو حمل اخبار التيمم على المستوعب وغيرها على غيره أو حمل اخبار التيمم على مالا يمكن مسحه أو مسح خرقة تشد عليه وحمل غيرها على ما يمكن أو حمل اخبار التيمم على الغسل وغيرها على الوضوء أو غسل ذي الجبيرة والخرقة كما هو مورد صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج أو حمل اخبار الطرفين على التخيير أو حمل اخبار التيمم على صورة التضرر بغسل الصحيح وما عداها على غيرها وأنت خبير بما في هذه الوجوه عدا الوجه الأخير من الضعف لاستلزام كلها اما طرح جل اخبار الطرفين أو ارتكاب التقييد والتخصيص الذي لا يساعد عليه دليل هذا مع ما في بعضها من مخالفة الاجماع ظاهرا واما الوجه الأخير فهو المتعين للحمل بل هو الظاهر من نفس الاخبار بحيث لا يبقى للمتأمل فيها مجال توهم المعارضة بينها فضلا عن شهادة القرائن الخارجية بذلك * (توضيحه) * يتوقف على تنقيح موضوع الاخبار فنقول قد عرفت أن مفاد اخبار الجبيرة ليس إلا انه يجب على من كان على بعض أعضائه جبيرة ونحوها ولم يتمكن من ايصال الماء إلى ما تحتها ان يغسل ما عدا موضع الجبيرة ويمسح عليها بدلا من محلها بشرط الاستطاعة وعدم خوف الضرر من استعمال الماء في غسل ما عدا موضع الجبيرة ولا يستفاد منها حكم ما عدا هذه الصورة أصلا واما حكم الجرح المجرد فإنما يستفاد من صحيحة ابن الحجاج وذيل حسنة الحلبي ورواية ابن سنان وهي أيضا لا تدل الا على وجوب غسل ما حول الجرح على من تمكن من ذلك على الوجه المشروع بان لا يتضرر بغسله بالماء الطاهر واما من تضرر باستعمال الماء مطلقا أو بغسل خصوص ما حول الجرح أو الجبيرة أو تعذر عليه تطهيره مقدمة للغسل الصحيح فلا يستفاد حكمه من شئ من الأخبار المتقدمة فاخبار التيمم بالنسبة ما عدا هذين الموردين سليمة عن المزاحم بل لو لم يكن لنا هذه الأخبار الخاصة لكنا نلتزم بمفادها بمقتضى الأدلة العامة كما سيتضح لك وجهه في بعض الفروع الآتية انشاء الله واما بالنسبة إليهما فهي قاصرة عن مزاحمة الأخبار المتقدمة لكونها أخص مطلقا واختصاص اخبار التيمم بالغسل على تقدير جواز التفصيل بين الوضوء والغسل وعدم مخالفته للاجماع لا يجدي في انقلاب النسبة لان بعض الأخبار المتقدمة كصحيحة ابن الحجاج وغيرها نص في العموم فلا يمكن تخصيصها بالوضوء هذا مع أنه لا ينبغي الارتياب في عدم إرادة خصوصية الوضوء أو الغسل في شئ من هذه الأخبار ولا في أسئلة السائلين وإلا لكان على الإمام (ع) بيان الفرق بين الوضوء والغسل ولو في بعض هذه الأخبار دفعا لتوهم المساواة كما أنه كان على السائل بمقتضى العادة حين سئل عن حكم الجبائر في الوضوء ان يسئل عن حكمها في الغسل فيدور الامر بين طرح الاخبار التي اجمعوا على العمل بها أو تقييد اخبار التيمم ولا شبهة ان الثاني هو المتعين في مقام الجمع وحمل اخبار الطرفين على التخيير كما في المدارك احتماله في غاية الضعف حيث إن أكثر اخبار التيمم نص في الوجوب التعيني اللهم الا ان يريد التخيير في غير موارد خوف الضرر وما كان نصا في الوجوب التعيني كاخبار الجدري انما هو في موارد الضرر ولكن يتوجه عليه أيضا ان التقييد أولى من هذا التصرف مضافا إلى مخالفته بظواهر الأدلة الدالة على اختصاص مشروعية التيمم بمن لم يتمكن من الطهارة المائية هذا كله بعد الاغماض عن ضعف دلالة اخبار التيمم بل قصورها عن شمول مورد الأخبار السابقة والا فالمتأمل في أصل شمولها مجال حيث إن موردها بشهادة الغلبة مخصوصة
(١٨٦)