العلة الا بعد تعيين ما أريد منها والقدر المتيقن الذي يمكن اثبات ارادته منها بقرينة المورد وغيره ليس إلا ان الجفاف المسبب عن التفريق موجب التبعض الوضوء وانتفاء متابعة بعضه بعضا واما كون مطلق الجفاف موجبا لذلك فلا دليل عليه فالشك انما هو في حصول التبعيض وترك المتابعة بالمعنى الذي أريد منهما فكيف يتشبث بعموم العلة لاثبات البطلان في موارد الشك فيرجع فيها إلى اطلاقات الأدلة وهي قاضية بالصحة * (ومما) * يؤيد المطلوب بل يدل عليه لولا الخدشة في سنده ما في الفقه الرضوي إياك ان تبعض الوضوء وتابع بينه كما قال الله تعالى ابدء بالوجه ثم باليدين ثم بالمسح على الرأس والقدمين فان فرغت من بعض وضوئك وانقطع بك الماء من قبل أن تتمه ثم أوتيت بالماء فأتمم وضوئك إذا كان ما غسلته رطبا فإن كان قد جف فأعد الوضوء وان جف بعض وضوئك قبل أن تتمم الوضوء من غير أن ينقطع عنك الماء فامض على ما بقي جف وضوئك أم لم يجف وقوله (ع) وان فرغت إلى آخره هو عين ما نقله الصدوق عن والده قدس سرهما فيظهر منه اعتماد الصدوقين على الاخذ منه فهو من قرائن صحته لو لم يحتمل ان يكون لأكبرهما والله العالم * (و) * قد يستدل أيضا بصحيحة حريز قلت إن جف الأول من الوضوء قبل أن اغسل الذي يليه قال إذا جف أو لم يجف فاغسل ما بقي فإنها بعد تقييدها بالاجماع وغيره بما إذا لم يكن الجفاف حاصلا من التفريق تدل على المطلوب * (وفيه) * ان ما بعدها يمنع من الاستدلال بها وهو قوله بعد ذلك قلت وكذلك غسل الجنابة قال هو بتلك المنزلة وابدء بالرأس ثم افض على سائر جسدك قلت وان كان بعض يوم قال نعم فان تنزيله منزلة غسل الجنابة وترخيصه في التبعيض في بعض اليوم مخالف للاجماع والأخبار المستفيضة فهي محمولة على التقية * (ودعوى) * احتمال عود ضمير كان إلى اكمال غسل الجنابة فمعناه ولو كان إفاضة الماء على الجسد في بعض يوم فجوابه (ع) ليس مخالفا للاجماع على هذا التقدير * (مدفوعة) * بان الرواية كالصريحة في اتحاد الوضوء والغسل من حيث الحكم فابداء مثل هذه الاحتمالات لا يجعلها حجة في مقام الاستدلال كما هو ظاهر فالعمدة في المقام انما هو اطلاقات الأدلة السالمة ما يصلح لتقييدها مضافا إلى امكان الاستدلال بمفهوم العلة في الروايتين بالتقريب الذي تقدم والله العالم ثم لا يخفى عليك ان ما قويناه من حصول الموالاة المعتبرة في الوضوء بأحد الامرين أعني المتابعة العرفية لو غسل العضو اللاحق قبل جفاف ما تقدمه مبنى على عدم الالتزام بان الجفاف المبطل هو الجفاف التقديري والا فلو قلنا بان المدار على تقدير الجفاف في الهواء المعتدل لم يبق لهذا الكلام مجال كما أنه لا يبقى للفرع الذي وقع التصريح به في كلمات بعض القدماء وجملة من المتأخرين وهو ما لو والى وجف هل يصح وضوئه أم لا أصل كما هو ظاهر فالمهم انما هو التعرض لهذا القول * (فنقول) * قد ذهب بعض مشايخنا [قده] إلى أن المناط في صحة الوضوء عدم تخلل زمان يقتضى الجفاف في صنفه وحاصله ان الموالاة المعتبرة فيه أن لا يتخلل بين غسل الأعضاء في كل زمان مقدار من الزمان يقتضى الجفاف في زمانه على تقدير اعتدال الهواء وهذا المقدار يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة كما هو واضح * (وفيه) * ان اعتبار التقدير مع أنه إحالة على مجهول لا طريق للمكلف إلى احرازه غالبا فلا ينبغي تنزيل الاخبار وكلمات الأصحاب عليه مما لا يساعد عليه دليل بل الأدلة بأسرها ناطقة بخلافه لان تقييد الأخبار المستفيضة الامرة بأخذ ناسي المسح من بلة وضوئه والمسح به والامر بالإعادة على تقدير عدم بقاء البلة الظاهر في إرادة عدم البقاء حقيقة لا تقديرا وكذا الامر بالإعادة في اخبار الباب على تقدير الجفاف الظاهر في إرادة نفس الجفاف لا المقدار الذي من شانه التخفيف أو الجفاف التقديري مما لا دليل عليه فهذه الاطلاقات بأسرها قاضية بالصحة على تقدير وجود البلة سواء كان لرطوبة الهواء أو غيرها ودعوى جرى الاخبار مجرى الغالب وهو ما لو حصل الجفاف في الهواء المعتدل مع ما فيها من المجازفة غير مجدية في اثبات إناطة الحكم بالجفاف التقديري لعدم اقتضائها الا خروج غير الغالب من منصرف الاخبار لا إناطة الحكم بمقدار الجفاف الغالبي فيرجع فيما يدعى صرف الاخبار عنه إلى اطلاقات الأدلة العامة السالمة مما يصلح لتقييدها نعم ربما يؤيد هذا القول ما اشرط إليه فيما تقدم من أن كثيرا من الأصحاب بل الأصحاب بأسرهم كما عن ظاهر الذكرى قد قيدوا عدم الجفاف بصورة اعتدال الهواء وظاهره في بادي الرأي انه تقدير لمقدار زمان جواز التفريق ان تأخير الجفاف في الهواء الرطب مما لا ينفع كما أن تعجيله في الهواء الحار لا يضر الا ان التأمل في كلمات أكثر من تعرض لهذا القيد خصوصا بالنظر إلى اطلاق كلامهم في حكم ناسي المسح من أنه يأخذ من بلل وضوئه ما دام بقائه ربما يورث الجزم بعدم ارادتهم الا ما صرح به الشهيد [قده] في الذكرى على ما حكى عنه من أن هذا القيد للاحتراز عن افراطه في الحرارة وانه لو بقي البلل في الهواء المفرط في الرطوبة والبرودة لكفى في صحة الوضوء وكذا لو أسبغ وضوئه بماء كثير فبقي البلل * (ومما) * يشهد بان التقييد ليس إلا للتحرز عن صورة تعجيل الجفاف لا لتقدير زمان جواز التفريق ما عن المبسوط قال وان انقطع عنه الماء انتظره فإذا وصل إليه وكان ما غسله عليه نداوة بنى عليه مسح وضوئه وان
(١٧٥)