المحرمات النفسية كترك الصلاة والصوم وشرب المسكر وقد عرفت أن المتبادر من العموم خلافه خصوصا بعد استثناء مسح الخفين ومتعة الحج فإنه بقرينة الاستثناء كاد يكون نصا في المدعى إذ لا حرمة في مسح الخفين وترك متعة الحج في غير مقام التقية فضلا عن مقام التقية والضرورة الا لاخلالها بمهية الوضوء والحج الواجبين فتجويز التقية فيهما معناه رفع اعتبارهما في المهية المأمور بها واستثنائهما من مورد الجواز دليل على عموم المستثنى منه كما هو ظاهر وإرادة خلافا الظاهر من المستثنى كما عرفت فيما سبق لا تنافي دلالتها على المدعى كمالا يخفى * (ومنها) * قوله (ع) التقية في كل شئ يضطر إليه ابن ادم فقد أحله الله فان ظاهرة ان التقية توجب رفع المنع الشرعي الثابت في كل شئ يحسبه نفسيا كان أو غيريا ولازمه الرخصة في ايجاد الصلاة مستديرا القبلة في مقام امتثال امرها حال التقية * (لا يقال) * ان الذي حلله الله انما هو ترك الصلاة المسبب عن ترك شرطها الذي كان حراما لا ترك الشرط حتى ينافي اطلاق شرطيته * (لأنا نقوى) * الاضطرار انما تعلق أولا وبالذات بترك الشرط فهو الذي حلله الله ورخص فيه ورفع منعه الغيري الثابت له حال الاختيار ولازمه انتفاء شرطيته كما هو ظاهر * (ومنها) * ما في موثقة سماعة من امره (ع) باتمام الصلاة مع المخالف على ما استطاع معللا بان التقية واسعة وليس الا وصاحبها مأجور انشاء الله فان مقتضى التعليل بوسعة التقية جواز أداء كل عمل على وفق التقية وكونه ممضا شرعا وصاحبه مأجورا كما في الصلاة مع المخالف هذا مع أن في قوله (ع) التقية واسعة كما ورد في غيرها من الاخبار أيضا اشعارا بذلك لان وجوب موافقة العامة في تكاليفهم وعدم كفايتها عن الواجبات الواقعية المستلزم لوجوب تداركها بعد زوال العذر ينافي التوسعة كما هو ظاهر وكيف كان فلا ينبغي التأمل في أن مفاد أكثر اخبار التقية جواز ايجاد الأفعال المأمور بها في الشريعة على وفق مذهب العامة تقية ولازمه الاجزاء كما عرفت غير مرة فلا ريب في عدم وجوب إعادة الاعمال الواقعة حال التقية من دون فرق بين ان يكون متعلق التقية مما ورد فيه نص على الخصوص أم لا وانما الاشكال والخلاف في وجوب إعادة الوضوء الصادر تقية بل مطلق الوضوء الناقص بعد زوال السبب لأجل الغايات المتأخرة فقد عرفت القول بوجوب الإعادة عن الشيخ وجماعة ممن تأخر عنه وفي الجواهر اختاره في المعتبر والمنتهى وعن المبسوط والتذكرة والايضاح وبعض متأخري المتأخرين وهو ظاهر كاشف اللثام وقيل لا يجب الا لحدث واختاره في المختلف والذكرى والدروس وجامع المقاصد والمدارك والمنظومة كما عن الجامع والروض بل ربما قيل إنه المشهور وفي التحرير في الإعادة نظر وفي القواعد اشكال وكيف كان فالأقوى في النظر الثاني لكونه مأمورا بذلك والامر يقتضى الاجزاء ولاستصحاب الصحة ولما دل على أن الوضوء لا ينقضه الا حدث وارتفاع الضرورة ليس منه ولأنه حيث ينوى بوضوئه رفع الحدث يجب حصوله بقوله (ع) لكل امرئ ما نوى انتهى والتحقيق انه ان استظهرنا من الأدلة ان الوضوء الناقص الذي يأتي به لتقية أو ضرورة بعينه هو المهية التي امر الله بها لإزالة الحدث فيكون المأتي به مصاديقها الواقعية التي يرتفع بها الحدث حين الضرورة أو قلنا بأنه يستفاد منها بدليته عن الوضوء التام في جميع اثاره ولوازمه فالأقوى بل المتعين هو القول الثاني بل لاوجه للقول الأول أصلا ضرورة ان زوال سبب التقية ليس من نواقض الوضوء والا لوجب النقض به لو كان مسبوقا بوضوء تام كما هو ظاهر ولا يجوز الاستدلال على هذا التقدير باطلاق الآية الامرة بالوضوء عند إرادة الصلاة لاختصاصها بغير المتطهر اجماعا كما أنه يجوز التشبث بذيل القاعدة المقررة من أن الضرورة تقدر بقدرها لان مقتضاها عدم جواز الاتيان بالوضوء العذري بعد زوال العذر لا عدم جواز ايقاع الغايات المشروطة بالطهارة بعد زوال العذر كما هو ظاهر * (وان قلنا) * بأنه لا يستفاد من الأدلة الا الاذن في امتثال الامر بالوضوء حال الضرورة بهذا الوضوء الناقص واما كونه مؤثرا في رفع الحدث فلا بل غاية مفاد الأدلة كونه مبيحا للصلاة و مسقطا للامر المقدمي المتعلق بالتطهير كالتيمم بناء على عدم إفادته للطهارة فالأقوى هو القول الأول لما ثبت بالكتاب والسنة والاجماع من أنه لا صلاة لمن تمكن من التطهير الا بطهور فالطهارة شرط للصلاة مطلقا الا في حق من تعذر في حقه التطهير كدائم الحدث والمضطر الذي يجب عليه التيمم أو الوضوء الناقص لو قلنا بعدم ارتفاع الحدث بهما فيجب على القادر احرازها حال الصلاة كغيرها من الشرائط ولا يكفي فيه مجرد احتمال حصولها بالوضوء الناقص كما هو واضح ولا ينفع لاثبات وجودها استصحاب بقاء اثر الوضوء السابق أعني جواز الدخول في الصلاة إذ لا يثبت به الطهارة الواقعية التي هي شرط للصلاة حال التمكن كاستصحاب جواز الصلاة في ثوب صلى فيه تقية ولم يعلم بكونه مما يؤكل لحمه أو استصحاب جواز الصلاة إلى الجهة التي صلى إليها تقية لو شك في كونها قبلة واقعية إلى غير ذلك من الموارد هذا مع أن الشك انما هو في مقدار تأثير الوضوء الناقص لا في رفع الأثر الموجود وقد تقرر في الأصول ان الاستصحاب في مثل المقام ليس بحجة والظاهر أن المراد من استصحاب الصحة في العبارة المتقدمة عن الجواهر هو هذا الاستصحاب الذي عرفت ضعفه وكذا التمسك بقاعدة الاجزاء لا يجدي في المقام إذ لا كلام في كون المأتي به مسقطا
(١٦٨)