قال بان الكعب هو مفصل الساق أو العظم المستدير الواقع فيه لما ورد في الأخبار المستفيضة من أن عليا وكذا الباقر صلوات الله عليهما مسحا على الكعبين ولم يستبطنا الشراكين وفي صحيحة الأخوين عن أبي جعفر (ع) أنه قال في المسح تمسح على النعلين ولا تدخل يدك تحت الشراك وإذا مسحت بشئ من رأسك أو بشئ من قدميك ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع فقد أجزاك إذ من المعلوم ان معقد الشراك دون مفصل الساق فإذا لم يجب تبطينه بتخلف ما تحته فلا بد من الالتزام بقيامه مقام البشرة أو القول بعدم وجوب الاستيعاب من حيث الطول وقد عرفت أن الثاني لضعفه بل ومخالفته للاجماع مما لا يقولون به فتعين الأول بل الظاهر أن القول بدخول الكعب في الممسوح مطلقا يستلزم ذلك لان الكعب على ما فسروه معقد الشراك فلا بد من سره لجزء منه في المتعارف الذي ينزل عليه اطلاق الصحيحة فما عن العلامة [ره] في المنتهى من الاستدلال على عدم وجوب استبطان الشراك بأنه لا يمنع مسح محل الفرض مناف لما حكى عنه فيه من ايجابه ادخال الكعب في المسح كما عرفت والذي يقتضيه التأمل انه لا يجوز المسح على الحائل مطلقا من دون استثناء شئ واما الأخبار المستفيضة فهي من أقوى الشواهد على أن الكعب هو قبة القدم وانه غير داخل في الممسوح لا لمجرد ان التخصيص أولى من سائر التصرفات المقتضية لرفع اليد عن ظواهر الأدلة الدالة على وجوب مسح البشرة بل لاستفادة المطلوب من نفس هذه الأخبار فان صحيحة الأخوين تنادى بأعلى صوتها على أن النهى عن ادخال اليد تحت الشراك انما هو لأجل عدم الحاجة إليه وحصول مسح مقدار الواجب بدونه لا لكونه حكما تعبديا شرعيا فان قوله (ع) فإذا مسحت بشئ [الخ] في قوة التعليل لكفاية المسح على مقدم الرأس وظاهر الرجل من دون استبطان الشراك وكذا ما روياه من فعل أبى جعفر (ع) في حكاية وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله من أنه مسح رأسه وقدميه ببلل كفه لم يحدث لهما ماء جديدا وانه (ع) لم يدخل أصابعه تحت الشراك فإنه من الواضح الذي لا يعتريه شبهة لمن تأمل في الرواية ان مسحه على النعل لم يكن لأجل الحكاية وبيان جوازه على خلاف الأصل لأنه (ع) بعد أن فرغ من وضوئه استشهد بالآية وفسرها للراوي إلى أن قال ثم قال وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين فإذا مسح بشئ من رأسه أو بشئ من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزاه وهذا يدل على كون عمله مطابقا لمضمون الآية كمالا يخفى * (تنبيه) * قال في الحدائق ان ظاهر كلمة الأصحاب الاتفاق على أن من الحائل الذي لا يجوز المسح عليه اختيار الشعر المختص وفي الرجل بالبشرة قال بعض من متأخري المتأخرين بعد نقل ذلك عنهم وهذا الحكم مما لم أقف فيه على تصريح في كلام القوم غير أنهم افحموا لفظ البشرة في هذا الموضع ويمكن ان يكون مرادهم الاحتراز عن الخف ونحوه لا الشعر كما هو الظاهر بحسب النظر لان المسح على الرجلين انما يصدق عرفا على المسح على شعرهما انتهى ثم نقل عن الشهيد في ذلك في شرح عبارة المصنف [ره] استظهاره منها عدم جواز المسح على الشعر واختياره ذلك معللا بأنه هو الذي يقتضيه النص الدال على وجوب مسح الرجلين إذ الشعر لا يسمى رجلا ولا جزء منها وانما الأصحاب لم يصرحوا بمنع المسح على الشعر في الرجلين لندور الشعر الحائل فيهما القاطع بخط المسح فاكتفوا باستفادته من لفظ البشرة فإنها كالصريح إن لم تكنه انتهى والذي يقتضيه الانصاف ان منع حصول امتثال الامر بمسح الرجلين مع وجود الشعر بل احاطته عليهما فضلا عن الشعر الخفيف مكابرة للوجدان وتكذيب لما أطبقت عليه كلمة العرف أترى انه لو امر المولى عبده بأمر أريده على ساقه أو ساعده أو غيرهما من أعضائه هل يخطر بباله إزالة الشعر أولا مقدمة للامتثال حاشاهم عن ذلك بل الشعر المخصوص بكل عضو يعد عرفا من تابع ذلك العضو بل قد عرفت في مسح الرأس ان من أقوى الأدلة على كفاية مسح الشعر المختص بالمقدم كونه عرفا من توابعه وانسباق الذهن إلى مسحه من الامر بمسح مقدم الرأس الا انك خبير بان البحث عن كفاية مسح الشعر عن البشرة قليل الجدوى لان الشعر المخصوص بالرجل على ما هو الغالب المتعارف ليس بحيث يوجب قطع خط المسح عن نفس البشرة بل يحصل مسح مقدار المسمى بامرار اليد ولو مع وجود الشعر ولعل هذا هو الوجه لاهمال العلماء رضوان الله عليهم ذكره في خصوص المقام وعدم تصريحهم بقيامه مقام البشرة واما ما استظهروه من كلماتهم ففيه منع ظاهر بل الظاهر أن إقحام لفظ البشرة في عبائر بعضهم ليس إلا للتحرز عن المسح على ما يعد حائلا بنظر العرف كالخف ونحوه لا الشعر كما يدل عليه تفريعاتهم كيف ولو كان مقصودهم من الحائل ما يعم الشعر لكان عليهم التنصيص في مقام التمثيل دفعا للاشتباه فكان التصريح به أولى من ذكر الخف وأمثاله مع أنه لم يصرح بذكره أحد منهم ومن تعرض لذكره كالشهيد وبعض من تأخر عنه بين متردد في الحكم أو مفت بنفي البأس عنه أو قائل بمانعيته فكيف يمكن استظهار مثل هذا الفرع الخفي من اطلاق ذكر الحائل أو إقحام لفظ البشرة في عبائر بعضهم مع أن الذهن لا يلتفت إليه الا بعد التنبيه وبعده أيضا يتردد في ارادته من الاطلاق لو لم يجزم بعدمه وما ذكره الشهيد [ره] وجها لعدم تصريحهم من ندرة مانعيته من مسح مقدار الواجب * (ففيه) * انها انما تمنع التفات الذهن إليه وإرادته من اطلاق الحائل لا إهمال ذكره في مقام التمثيل بعد التفات الذهن إليه وإرادته من الاطلاق كما لا يخفى وقد يستدل
(١٦٣)