لا تنافيها فلو تمكن حال الوضوء من تلبيس الامر عليهم على وجه لا ينافي التقية يجب عليه ذلك ولا يجزيه موافقتهم حينئذ جزما لما عرفت من إناطتها بالضرورة الفعلية بمقتضى الاخبار المقيدة هذا مع امكان ان يقال إنه لا يكاد يستفاد جوازها في الفرض من مطلقات الاخبار فضلا عن غيرها لانصرافها عن مثل الفرض بل لا يتوهم المخاطب بهذه الاخبار الا جوازها في غير الفرض لما ارتكز في الذهن من أن الواجب الواقعي والمطلوب النفس الامري انما هو مسح الرجلين واما ما عداه فإنما سوغه العجز فلا يجوز مع التمكن الفعلي من فعله هذا إذا التفت إلى امكان التقصي واما إذا لم يلتفت أو خاف من اعمال الحيلة في ايجاد الفعل الصحيح فلا اشكال في كفاية ما اتى به عن الواقع لاطلاقات الأدلة الشاملة للفرض بلا تأمل وبما ذكرنا ظهر لك ان الأقوى انه لا يجوز له الحضور في مجامعهم ومجالسهم عند إرادة فعل الوضوء أو الصلاة لا لضرورة عرفية مقتضية لذلك ولو مثل حسن المعاشرة أو إظهار المودة الموجبة للأمن من ضررهم بملاحظة المصلحة النوعية وقد يتوهم جوازه بل رجحانه مطلقا نظرا إلى اطلاق بعض الأوامر التي تقدمت الإشارة إليها الدالة على الحث العظيم على الصلاة مع المخالف ووعد الثواب عليها الظاهرة في استحبابها في حد ذاتها فتكون الضرورة حكمة للحكم لا علة له ويدفعه ما عرفت من وجوب رفع اليد عن هذا الظاهر بمقتضى الأخبار المتقدمة هذا مع ما في دعوى ظهورها في حد ذاتها في الاستحباب مطلقا من المنع لقوة احتمال ورود الاخبار الامرة بالحضور في مجامعهم مورد الغالب حيث إن الاشخاص المعاصرين للأئمة عليهم السلام غالبا كانوا مضطرين إلى مخالطتهم ومعاشرتهم كي لا يعرفوهم بالرفض والتشيع فيؤذوهم والإمام (ع) بين لهم ما يترتب على فعلهم من الأجر والثواب كي لا تشمئز طباعهم بمقتضى جبلتهم من حضور مساجدهم والصلاة معهم فيؤدى ذلك إلى ترك الحضور والاختلاط الكاشف عما في نفوسهم من الرفض والاستنكار فلا تعم هذه الأخبار من لم يكن في معرض هذه التهمات كما أنه لا تدل على جواز الصلاة معهم عند ارتفاع شوكتهم وذهاب سلطانهم وانقراض عصرهم بحيث لو يبق منهم الا الأذلون لانصرافها عن مثل الفرض جزما والحاصل ان المستفاد من مجموع الاخبار ان عبادات كل من؟؟ التقية إلى ايجادها على وجه غير مشروع ممضاة شرعا لا ان الامضاء منحصر في حق من لا منجا له الا التقية فجوازها منوط بالضرورة حال الفعل بان يكون ايقاعه موافقا لمذهب المخالف لأجل خوف الضرر لا الضرورة المطلقة نعم لا يعتبر في مشروعيتها خوفه من خصوص من يتقى منه أو في خصوص الواقعة الشخصية بل يكفي فيها احتمال كون ترك التقية في خصوص المورد مؤديا إلى التضرر في سائر الموارد كما إذا صار ترك التقية في هذا المورد موجبا لعدم تمكنه من التقية في موارد الحاجة ويدل على ذلك مضافا إلى عمومات الأدلة الشاملة للفرض قوله (ع) ليس منا من لم يجعل التقية شعاره ودثاره مع من يأمنه ليكون سجية له مع من يحذره ولا ينافيها ظهور بعض الأخبار المتقدمة في خلافها لان ظهوره في الخلاف بدوي يرتفع بالتأمل في نفسه فضلا عما يقتضيه الجمع بينه وبين معارضاته والله العالم * (وهل) * التقية من غير المخالفين بحكم التقية من المخالفين في كون امرها أوسع من سائر الضرورات أم هي على حد غيرها من الضرورات المبيحة للمحظورات فيشترط جوازها بعدم المندوحة في مجموع الوقت أو في الجزء الذي يوقعه فيه مع البأس من التمكن منه فيما بعده أو مطلقا على التفصيل والخلاف في أولى الاعذار وجهان أحوطهما الثاني بل لا يخلو القول به عن قوة لان شيوع التقية من المخالفين ومعهوديتها في زمان الأئمة عليهم السلام يمنع من استفادة إرادة العموم من اخبار الباب والله العالم بالصواب * (و) * قد يستدل الكفاية المسح على الخف للضرورة مضافا إلى الرواية السابقة والاجماعات المحكية بعموم الآية الدالة على نفى الحرج في الدين وفيه أنه أعم من ايجاب المسح ومن سقوطه ومن التيمم الا ان يوجه دلالتها بخبر عبد الأعلى مولى ال سام قال قلت لأبي عبد الله (ع) عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة فكيف اصنع بالوضوء قال يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عز وجل قال الله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج امسح عليه ولكن في التوجيه نظر إذ ليس المسح على الخف عرفا من نظائر المسح على المرارة لكون المسح على المرارة لأجل اتصالها بالرجل وشده لصوقها بها وتعسر نزعها عنها بمنزلة المسح على الرجل بنظر العرف فيكون المسح عليها من المراتب الميسورة الثابتة للمأمور به بنظر العرف ولعله لذا أحال الإمام (ع) معرفة حكمه إلى كتاب الله عز وجل واما المسح على الخف فهو امر أجنبي عن المأمور به بنظر العرف إذ ليس المسح عليه في بادي الرأي الا كالمسح على جسم خارجي فلا يمكن استفادة وجوبه من الآية بوجه من الوجوه وبما ذكرنا ظهر لك انه لا يمكن الاستدلال لاثبات وجوبه وكفايته عن مسح البشرة بقاعدة الميسور أيضا ولا بقوله (ع) مالا يدرك كله لا يترك كله وقوله (ع) إذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم ولا بفحوى اخبار الأقطع ولا الجبائر فان شيئا منها لا يساعد على اثبات وجوب المسح على الخف فالعمدة في المقام انما هي الرواية المتقدمة المعتضدة بالاجماعات المحكية وعدم ظهور مخالف صريح في المسألة نعم لا بأس بذكر الأمور المتقدمة في مقام التأييد ودفع توهم انتقال الفرض إلى التيمم كما في المدارك احتماله وان كان في كفايتها لدفع هذا الاحتمال أيضا تأمل وبهذا ظهر لك ان الحاق ضيق الوقت بالضرورة في جواز المسح على الخفين في غاية الاشكال لان تعميم الضرورة بحيث تعم ضيق الوقت ودعوى استفادة حكمها على اطلاقها من الرواية قابلة بل للمنع فان ثبت في المسألة
(١٦٦)