فقال: وما ذاك أعرج؟
فقال: هذا عبد الله بن عباس يفقه الناس، وعبيد الله أخوه يطعم الناس، فما أبقيا لك؟
فأحفظه ذلك، فأرسل صاحب شرطته، عبد الله بن مطيع، وقال له:
انطلق إلى ابني عباس، فقل لهما: أعمدتما إلى راية ترابية قد وضعها الله، فنصبتماها؟ بددا عني جمعكما، ومن ضوي إليكما من أهل الدنيا، وإلا فعلت وفعلت.
فقال ابن عباس: ثكلتك أمك، والله ما يأتينا من الناس غير رجلين:
طالب فقه، أو طالب فضل. فأي هذين تمنع؟!
فقال أبو الطفيل:
لا دردر الليالي كيف تضحكنا * منها خطوب أعاجيب وتبكينا ومثل ما تحدث الأيام من غير * يا ابن الزبير عن الدنيا تسلينا كنا نجئ ابن عباس فيقبسنا * علما، ويكسبنا أجرا ويهدينا ولا يزال عبيد الله مترعة * جفانه، مطعما ضيفا ومسكينا فالبر، والدين، والدنيا بدارهما * ننال منها الذي نبغي إذا شينا إن النبي هو النور الذي كشفت * به عمايات باقينا وماضينا ورهطه عصمة في ديننا ولهم * فضل علينا وحق واجب فينا ولست فاعلمه أولى منهم رحما * يا ابن الزبير ولا أولى به دينا ففيم تمنعهم عنا وتمنعنا * عنهم وتؤذيهم فينا وتؤذينا لن يؤتي الله من أخزى ببغضهم * في الدين عزا ولا في الأرض تمكينا (1) فابن الزبير يعتبر راية العلم، وراية الجود من الرايات الترابية التي اكتسبها أتباع أبي تراب منه صلوات الله وسلامه عليه.