والسلام (1)، الذي لم يعش إلا إلى سنة أربعين من الهجرة.
ثم ازداد البلاء بعد ذلك، وبرح الخفاء، إلى حد الفضيحة، فاضطر عمر بن عبد العزيز إلى القيام بعمل رمزي ضعيف وضئيل، لم يكن له أي أثر يذكر على الصعيد العملي، على مستوى الأجيال والأمة. ثم بدأت الحركة الحقيقية باتجاه التدوين في أواسط القرن الثاني للهجرة، حسبما تقدم توضيحه.
وخلاصة الامر: إن الحال قد تردت خلال أقل من ثلاثين سنة من وفاة النبي (ص) إلى ذلك الحد الذي أشار إليه سيد الوصيين " عليه السلام ". وطمست معظم معالم الدين، ومحقت أحكام الشريعة، كما أكدته نصوص كثيرة (2).
وكان ذلك في حين أن الصحابة وعلماءهم كانوا لا يزالون على قيد الحياة، وكان الناس ينقادون إلى الدين وأحكامه، ويطيعون رموزه وأعلامه.
فكيف ترى أصبحت الحال بعد أن فتحت الفتوح، ومصرت الأمصار، ودخلت أقطار كثيرة أو أظهرت الدخول في الاسلام، تحت وطأة الفتوحات، التي قامت بها السلطة الحاكمة آنذاك. وكان أن تضخمت الحالة السكانية، واتسعت رقعة العالم الاسلامي، في فترة قصيرة جدا، وبسرعة هائلة.