الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص) - السيد جعفر مرتضى - ج ١ - الصفحة ١٣٧
ما، وذلك انسجاما مع مقتضيات الواقع الذي كان يفرض قدرا من التحاشي عن الجهر بما يخالف سياسات الحكم، ولو بهذا المستوى الضعيف والضئيل.
ولا نريد هنا أن نسبر أغوار التاريخ لنلتقط الدلائل والشواهد الكثيرة والغزيرة من هنا هناك، بل نكتفي بذكر نماذج تشير إلى ذلك، وهي التالية:
1 - روى مسلم بسنده عن عاصم قال:
" كنا نأتي أبا عبد الرحمان السلمي - ونحن غلمة أيفاع - فكان يقول لنا: لا تجالسوا القصاص غير أبي الأحوص، وإياكم وشقيقا. وكان شقيق هذا يرى رأي الخوارج، وليس بأبي وائل " (1).
2 - عن عبد الله بن خباب بن الأرت قال: مر بي أبي، وأنا عند رجل يقص، فلم يقل لي شيئا حتى أتيت البيت. فاتزر، وأخذ السوط يضربني، حتى حجره الزنو، وهو يقول:
أمع العمالقة؟! أمع العمالقة؟! ثلاثا. إن هذا قرن قد طلع، إن هذا قرن قد طلع، يقولها ثلاثا (2).
3 - بل إن ابن مسعود الذي يقال: إنه يميل إلى علي " عليه السلام "، رغم أننا نجد: أنه كان يتأثر خطى عمر بن الخطاب بصورة ملفتة وواضحة، قد سجل أيضا إدانته للقصص من أهل الكتاب (3)، فما ظنك بغيره من أهل العلم والمعرفة بالدين؟!

(١) صحيح مسلم ج ١ ص ١٥ والقصاص والمذكرين ص ١٠٧.
(٢) القصاص والمذكرين ص ١٠٤ وخباب صحابي معروف. وقد مات رحمه الله وعلي " عليه السلام " في صفين.
(٣) مجمع الزوائد ج ١ ص ١٨٩.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 141 142 143 ... » »»
الفهرست