وهو حسن، لمعارضة اطلاقات تحريمها مع أدلة نفي الضرر، فيرجع إلى الأصل لو لم يرجح الثاني، ولكن الجواز حينئذ مخصوص بالراشي دون المرتشي.
وقد يخص أيضا (1) بما إذا أرشى وارتشى للحكم بالباطل، إما لاختصاص حقيقتها بذلك كما مر، وضعفه قد ظهر.. أو لتخصيص ذلك بالصحيحة المذكورة المجوزة للإرشاء للتحول من منزله، ويضعف بأن الكلام في الرشا في الحكم دون التحول من المنزل.
وأما الثالث: فالفرق بين الرشوة والهدية: أن الأولى - كما عرفت -:
هي المال المبذول للتوصل به إلى الحكم ابتداء أو إرشادا. والثانية: هي العطية المطلقة، أو لغرض آخر نحو التودد أو التقرب إليه أو إلى الله.
والحاصل: أن كل مال مبذول لشخص للتوصل به إلى فعل صادر منه ولو مجرد الكف عن شره لسانا أو يدا أو نحوهما فهو رشوة.
ولا فرق في الفعل - الذي هو غاية البذل - أن يكون فعلا حاضرا، أو متوقعا، كأن يبذل للقاضي لأجل أنه لو حصل له خصم يحكم للباذل، وإن لم يكن له بالفعل خصم حاضر ولا خصومة حاضرة.
وكل مبذول لا لغرض يفعله المبذول له، بل لمجرد التودد أو التقرب إلى الله أو إليه أو لصفة محمودة أو كمال فيه، فهو هدية، وإن كان الغرض من التودد والتقرب إليه الاحتفاظ من شر شخص آخر أو التوصل إلى فعل شخص آخر يوجبه التقرب والتودد إليه.
وقد يستعمل لفظ أحدهما في معنى الآخر تجوزا.