وقد يستدل أيضا بقوله: " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " (1).
وفيه نظر، إذ لا يتعين أن يكون ذلك في الأوليين. مع أن فاتحة الإمام ولو في أولييه كافية في صدق الكلام.
احتج من قال بالاستحباب: بالأصل، وعموم ما دل على سقوط القراءة خلف الإمام المرضي، المخصص به عموم موجبات القراءة والمعارض به الأوامر المذكورة، فيدور الأمر بين تخصيص عمومات السقوط أو حمل تلك الأوامر على الندب ولا أولوية، فيبقى الأصل خاليا عن المعارض.
مع أن قرينة الندبية لها موجودة، وهي انضمامها بما هو للندب قطعا كالتجافي وغيره، وبالأمر بالقراءة في النفس التي هي غير القراءة الحقيقة المختلفة في وجوبها، بل هي غير واجبة إجماعا.
ويرد الأصل بما مر.
والعموم - لو سلم - بوجود المخصص، وهو ما ذكر، فإنه أخص مطلقا من هذه العمومات فيجب التخصيص به. وهو مثل تلك الصورة أولى من التجوز بحمل الأمر على الندب إجماعا، كما بين في الأصول. ولولاه لا نسد باب التخصيص بالخاص المطلق، إذ ما من خاص إلا ويحتمل ارتكاب تجوز البتة.
وأما القرينتان المذكورتان فغير صالحتين لما راموه:
أما الأولى فلأن خروج بعض الأوامر مخرج الاستحباب بقرينة لا يقتضي انسحابه فيما لا قرينة له، وإنما هو مسلم إذا كان الأمر الواحد واردا على أمور متعددة بعضها كان غير واجب قطعا، وهاهنا ليس كذلك بل الأمر متعدد. مع أنه معارض بتضمن بعض الأخبار لما هو للوجوب قطعا.
هذا كله، مع أن في صحيحة البجلي التي هي العمدة وقع الأمر بالقراءة فيها في سؤال منفصل على حدة غير السؤال المشتمل على الأمر بالتجافي، وظاهر أن اشتمال الرواية على أسئلة متعددة عن أحكام متباينة شائع ذائع. مع أن في