أصحاب الأموال الذين أذنوا في الخلط ورضوا به أموالهم على التمام والكمال فقد أخذوا ما لم يكن لهم، بل الواجب تسليم مال من لم يأذن بالخلط على المضارب، المفرط بالخلط بجميع ماله ورجع المضارب على من أخذ المال بقدر ما غرم، وقوله في الخبر: «يخلطها بماله ويتجر بها» المعنى فيه خلطها بماله واتجر بهما وإن كان أتى به بلفظ المستقبل فقد يأتي المستقبل بمعنى الماضي، وهذا كثير في كلام العرب والقرآن، قال الله تعالى:
«ونادى أصحاب الأعراف» معناه: ينادي، قال الشاعر:
وانضح جوانب قبره بدمائها * فلقد يكون أخا دم (1) وذبائح معناه: فلقد كان، بغير شك، انتهى (2).
وفي استشهاده بالآية (3) وحكمه كباقي الجماعة برجوع الغارم إلى الباقين بجميع ما غرمه مناقشة واضحة، مع عدم تمامية الحمل المزبور إلا بعد تقييدات أخر في الخبر، ليس لشئ منها فيه عين ولا أثر. ومع ذلك لا احتياج لتكلفاته في حمل يخلط على معنى خلط، لعدم منافاته الحمل المزبور من حيث كون متعلقه طلب الخلط بمال المدفوع إليه خاصة دون مال أولئك الجماعة، ومبنى الحمل على المزج بأموالهم دون مال المدفوع إليه خاصة، ولذا حكم بضمانهم ما أخذوه، ولكن الأمر سهل بعدما عرفت من قصور السند، والمخالفة للأصل، مع اتفاقهم على الظاهر على عدم العمل بها وإن كان الظاهر منهم عدم المناقشة فيها من حيث السند، لنسبتهم إياها إلى حريز خاصة عن أبي عبيدة، معربين عن صحته إليه، ولعلهم أخذوها من