حينئذ (بالانتزاع من دون) إذن الغريم أو (الحاكم) حيث لا يمكن إذنه، بلا خلاف فيه في ما عدا الأخير، للأصل، مع فقد ما يوجب الخروج عنه، عدا تعلق حقه بذمته، وليس بمخرج، لأنه أمر كلي. وللمديون التخيير في تعيينه من ماله، فلا يتعين في شئ منه بدون تعيينه أو تعيين الحاكم حيث لا يمكن تعيينه بمماطلته أو عدم بذله، ولا يتصور اعتبار إذن الحاكم إلا في هاتين الصورتين دون ما فرضه الماتن من بذل الغريم، لأن الحاكم إنما يلي على الممتنع ومن في معناه.
اللهم إلا أن يتصور حينئذ في غيبة الغريم مع حلول الدين وتضرر المدعي بالتأخير إلى حضوره فيكون في معنى الممتنع، فيندفع به الاعتراض المتقدم وإن أورده شيخنا في المسالك (1) على عبارة الماتن في الشرائع، القريبة من عبارته هنا. فتأمل.
وأما عدم الاستقلال في الأخير فمختار الماتن هنا خاصة، للاقتصار في ما خالف الأصل على موضع الضرورة، وهي هنا منتفية، لإمكان التوصل إلى الحق بالحاكم بمعونة البينة، ولأن الممتنع عن وفاء الدين يتولى القضاء عنه الحاكم ويعين من أمواله ما يشاء، ولا ولاية لغيره عليه.
خلافا للأكثر على الظاهر المصرح به في المسالك (2)، بل المشهور كما في كلام الصيمري (3) والكفاية (4)، وعليه عامة المتأخرين حتى الماتن في الشرائع (5). وهو الأظهر، عملا بعموم الأدلة التي سنذكر، بل صريح بعضها، كما سيظهر.