في نكت الإرشاد (1) والمسالك (2) والروضة (3) والمحقق الثاني كما حكي (4) على الثاني، وفاقا منهم لبعض القدماء كابن نما (5). وتردد فيه الفاضل في القواعد (6) والإرشاد (7) والتحرير (8)، وهو ظاهر الصيمري (9) وغيره.
ينشأ مما قدمناه، مضافا إلى أن الدعوى يوجب التسلط على الغير بالإلزام بالإقرار أو بالإنكار أو التغريم، وهو ضرر عليه منفي، وأنها في معرض أن يتعقبها يمين المدعي أو القضاء بالنكول، وهما غير ممكنين هنا، لاستحالة الحلف على الظن، وامتناع ثمرة النكول، إذ لا يستحل الغريم أن يأخذ بمجرد إنكار المدعى عليه ونكوله عن اليمين، لاحتمال كونه للتعظيم أو غيره.
ومن عموم قوله تعالى: «وأن احكم بينهم بما أنزل الله» (10) «فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم» (11)، وأن الأصل عدم الاشتراط، وأنه لو كان الجزم شرطا لم يكف اللفظ المحتمل عند الحاكم، بل كان يجب عليه الاستفسار فيه فيقول: هل أنت جازم أم لا، والتالي باطل، فالمقدم بمثله، بيان الملازمة أن الجهل بالشرط يستلزم عدم الجزم بالمشروط، فلا يحصل الجزم بسماع الدعوى.
وفي جميع هذه الأدلة الأخيرة نظر، لمنع العموم في الآية، وإنما غايتها الإطلاق الغير المعلوم انصرافه إلى محل النزاع.