ولو سلم فلا دلالة فيها على كون الحكم فيه سماع الدعوى، فقد يكون الحكم فيه ردها كسائر ما يرد فيه الدعاوي، ولم تسمع إجماعا.
والتمسك بأصالة عدم الاشتراط حسن، حيث يكون إطلاق ينفع أو عموم، ووجود كل منهما هنا غير معلوم. وعموم الآية على تقدير تسليمه دليل آخر، فلا يتم به الأصل. واشتراط الجزم إنما هو في الصيغة لا في نفس الأمر والعقيدة، كما صرح به الشهيدان في النكت (1) والمسالك (2) والصيمري في شرح الشرائع (3)، قالوا: فإنه من المعلوم أنه إذا كان للإنسان بينة تشهد له بالحق وهو لا يعلم به له أن يدعي عند الحاكم لتشهد البينة له، ولعله لهذا نسب الجزم المعتبر في العبارة وغيرها إلى الصيغة خاصة تنبيها على عدم اعتباره في العقيدة.
وحينئذ فلا يجب على الحاكم الاستفسار بعد ظهور الصيغة في الجزم وإن احتمل خلافه حيث لم يصرح به، لما عرفت من رجوع الإطلاق إليه.
هذا، ولو سلمت هذه الأدلة فمفادها سماع الدعوى مطلقا ولو لم يكن هناك تهمة أصلا ولم يقولوا به، بل ظاهرهم الإطباق على خلافه وإن حكى القول بالإطلاق شيخنا الشهيد الثاني (4)، فإن قائله غير معروف، ولا في كلام أحد عدا شيخنا المذكور، ولعله من العامة. وعلى تقدير كونه منا ليصح النقض أيضا جدلا مع هؤلاء الجماعة، ولو ذب عنه بالإجماع على التقييد لم ينفع لإيراثه الوهن في أدلتهم ولو بالإضافة إلى ما تقدم من الأدلة المعارضة.
وبالجملة الظاهر ما عليه الماتن، والله سبحانه هو العالم.
قالوا: وعلى الثاني إن حلف المنكر وقضينا بالنكول فلا كلام وإن