مسيس الحاجة إليه، فيجب تحصيل الأقرب إليه، وليس إلا المتفق عليه.
وإلى هذا الأصل يشير كلام كثير في هذا البحث. ولا ريب في قوته ومتانته.
وأما عدم الإنفاذ بإخبار الحاكم فمحل خلاف بين الأصحاب، فبين مختار له كظاهر إطلاق المتن ونص الخلاف (1)، ومختار للإنفاذ كالفاضل في القواعد (2) والإرشاد (3) والشهيدين في الدروس (4) والمسالك (5)، ومتردد فيه كالماتن في الشرائع (6) والفاضل في التحرير (7)، ينشأ من الأصل المتقدم، المعبر عنه في كلامهم بأنه حكم من الثاني بغير علم، وقد نهى الله عنه، خرج منه ما دل عليه دليل من خارج، فيبقى الباقي على الأصل.
ومما سيأتي إن شاء الله تعالى من جوازه، مع الشهادة على حكمه، فمع مشافهته أولى.
وفيه نظر، إذ المشافهة الموجبة للأولوية إنما هي مشافهة حكمه الذي هو متعلق الشهادة، لا مشافهة إخباره به، فإن الأولوية هنا غير واضحة.
ولعله إلى هذا يشير كلام بعض الأجلة، حيث قال في منعها: فإن الغرض من الشهود إثبات حكم الحاكم لا إقراره به، وليس إثباته بقول الحاكم أقوى من إثباته بشاهدين عدلين، إذ هما عدلان وهو عدل واحد، وقول العدلين حجة دون الواحد، انتهى (8).
ولكنه خلاف الإنصاف، وكل من منع هنا يلزمه المنع عن الإنفاذ بالبينة التي أشهدها الحاكم مع عدم حضورها مجلس الحكم والدعوى بطريق أولى.