دليل الوضع لذلك المعنى. لان انسباق المعنى منه لا يخلو سببه، اما أن يكون علاقة ذاتية بين اللفظ والمعنى وهي منتفية كما تقدم. أو يكون قرينة صارفة، وهو خلاف المفروض لان الفرض عدم القرينة، فيتعين أن يكون السبب هو الوضع والعلاقة الجعلية، إذ لا يتصور سبب آخر لذلك، وذلك هو المطلوب، ويكون التبادر على هذا علامة للوضع بطريق الإن وكاشفا عنه كشف المعلول عن علته.
ويرد على كون التبادر علامة للوضع بان ذلك يستلزم الدور، لان التبادر لا يحصل بدون العلم بالوضع كما هو ظاهر، فإذا كان العلم بالوضع موقوفا على التبادر كما هو فرض علامية التبادر، لزم الدور.
وأجاب عنه صاحب الكفاية: بان التبادر المفروض كونه علامة، اما ان يراد به التبادر لدى نفس الشخص المستعلم، واما ان يراد به التبادر لدى العالم وأهل اللغة فيكون علامة له على الوضع.
فعلى الأول: فالتبادر وان توقف على العلم بالوضع الا انه العلم الارتكازي الاجمالي، وهو حصول صورة الشئ في النفس ارتكازا من دون التفات إليها - فان كثيرا من الصور تكون مخزونة في النفس بلا التفات إليها وانما يلتفت إليها بموجبات - والعلم الذي يتوقف على التبادر هو العلم التفصيلي بالوضع والالتفات إليه. وعليه فالتغاير بين الموقوف عليه التبادر والموقوف على التبادر بالاجمال والتفصيل وهو كاف في رفع غائلة الدور.
وعلى الثاني: فالتغاير واضح، لان الموقوف عليه التبادر هو العلم الحاصل لدى اهل اللغة، و العلم الموقوف على التبادر والحاصل به هو علم المستعلم، وتغايرهما لا يحتاج إلى تنبيه وبيان (1).
ثم إن السيد الخوئي أضاف إلى ذلك أمرين:
.