بيان ذلك أن النسبة بين (زيد) و (عالم) في مثل قولنا (هل زيد عالم) ليس لها ركنان فحسب، بل لا بد من ركن ثالث لها، على أساس أن النسبة التصادقية لا معنى لها إلا بلحاظ وعاء يكون فيه التصادق، فإن الذهن يتصور (زيد) و (عالم) متصادقين على شئ في عالم من العوالم خارج الذهن، وهذا العالم في الجملة الخبرية المجردة عن الأداة عالم التحقق والثبوت، وفي الجملة الاستفهامية عالم الاستفهام والسؤال، وفي الجملة التمنية عالم التمني، وفي الجملة الترجية عالم الترجي وهكذا، ويكون المعنى في الجملة الأولى تصادق المفهومين في وعاء التحقق والثبوت، وفي الجملة الثانية تصادقهما في وعاء الاستفهام، وفي الجملة الثالثة وعاء التمني، وفي الجملة الرابعة وعاء الترجي وهكذا، وليس المقصود من هذا الطرف الثالث وجود مفهوم اسمي ثالث للنسبة التصادقية على حد مفهوم (زيد) و (عالم)، بل وجود ركن ثالث لقوام النسبة التصادقية، فإنها بحاجة إلى وعاء يصدق بلحاظه المفهومان.
وإن شئت قلت: إن النسبة التصادقية بين مفهومين لها حصص عديدة إحداها النسبة التصادقية بلحاظ وعاء التحقق، والأخرى بلحاظ عالم السؤال والاستفهام، والثالثة بلحاظ عالم التمني وهكذا، وتعيين إحدى هذه الحصص يكون بالأداة الداخلة على الجملة أو بتجردها عن كل أداة كما في الجملة الخبرية التامة (1).
ويمكن المناقشة فيه بتقريب أن مفاد الجملة الاستفهامية كقولك (هل زيد قائم)، وأضرابها، نسبة مغايرة للنسبة المدلول عليها بجملة (زيد قائم) التي دخلت عليها الأداة، وذلك لما تقدم من أن مغايرة كل نسبة عن نسبة أخرى إنما