حيث لا يمكن حينئذ للانسان الاستدلال بشئ، وهذا واضح. وعلى هذا فحيث إن أفراد الصلاة الصحيحة مثلا تشترك جميعا في أثر واحد وهو النهي عن الفحشاء والمنكر بمقتضى قوله تعالى: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) (1).
فمن الطبيعي أن وحدة الأثر تكشف عن وحدة المؤثر، على أساس مبدأ التناسب، وعلى هذا فلا يعقل أن يكون المؤثر في هذا الأثر الواحد كل فرد من الأفراد الصحيحة بحده الفردي، وإلا لزم أن يكون الواحد مسانخا للكثير، وهو مستحيل، فإذن لا محالة يستكشف كشفا قطعيا عن وجود جامع واحد بين الأفراد الصحيحة، ويكون ذلك الجامع الواحد هو المؤثر في ذلك الأثر الواحد تطبيقا لقاعدة أن (الواحد لا يصدر إلا من واحد سنخا).
والخلاصة أن كشف جامع ذاتي بين الأفراد الصحيحة منوط بتوفر أمرين:
الأول: ترتب أثر واحد على تلك الأفراد جميعا بدون استثناء.
الثاني: أن الواحد لا يمكن أن يصدر إلا من الواحد سنخا بمقتضى مبدأ التناسب والسنخية بين العلة والمعلول، وحيث إن كلا الأمرين متوفر في المقام، فلا محالة يستكشف من ذلك وجود جامع واحد بين الأفراد الصحيحة، ويكون ذلك الجامع الواحد هو المؤثر في ذلك الأثر، لاستحالة أن يكون المؤثر فيه نفس الأفراد بخصوصياتها الفردية المختلفة كما وكيفا كما مر، ومن هنا قال قدس سره: إن تصوير الجامع الوجداني بين الأفراد الصحيحة خاصة بمكان من الامكان، بل هو ضروري دون الأعم، لعدم تحقق صغرى هذه القاعدة على