المخالفين، وخلاف بعض أصحابنا إنما هو في الغسل خاصة - مما لا يخفى على ذي مسكة وأيضا من تأمل في عبارة الذكرى لا يذهب عليه أن المخالف من العامة، وفي التعليل إيناس بذلك.
وبالجملة فالظاهر من عبارات الأصحاب (قدس سرهم) - قديما وحديثا، تصريحا في مواضع وتلويحا في أخرى - أنه لا قائل بالوجوب النفسي على الاطلاق، وهذان الفاضلان قد اغترا بظاهر عبارة الذكرى، فنقلا القول به في المسألة وشيداه بما ذكرناه.
(الثاني) - إن الآية المذكورة غير مدافعة في الدلالة على الجوب الغيري، وذلك من وجهين:
(أحدهما) - أن المفهوم من الآية عرفا أن الوضوء لأجل الصلاة. كما يقال:
(إذا لقيت العدو فخذ سلاحك) أي لأجل العدو.
وأجاب الفاضل الخراساني بأنه لا منافاة بين الوجوب لأجل الصلاة وبين وجوبه في نفسه. فيجوز أن يجتمع الوجوبان.
ويرد عليه (أولا) - أن المدار في الاستدلال على المعاني المتبادرة إلى الذهن في بادئ النظر، والمنساقة إليه بمجرد الالتفات إلى ظاهر اللفظ، ومن ثم تراهم يصرحون - سيما في الأصول في غير موضع - بأن التبادر أمارة الحقيقة، ولا شك أن المتبادر من ظاهر الآية ومن المثال المذكور أن الوضوء وأخذ السلاح لأجل الصلاة والحرب، ومقتضى تعليق الوجوب على غاية مخصوصة انتفاؤه بانتفائها فتثبت المنافاة بين الوجوب والغيري والوجوب النفسي البتة.
و (ثانيا) - أنه متى ثبت الوجوب الذاتي لشئ ثبت له مع كل أمر مجامع له بوجوب واحد، والتغاير فيه اعتبار محض لا يترتب عليه أثر بالكلية، إذ لا يعقل لهذا الوجوب الغيري بعد ثبوت الوجوب النفسي معنى بالكلية كما لا يخفى على المتأمل، وحينئذ فليس هنا وجوبان كما زعمه (قدس سره).