ثم إن ما ذكرناه من تحريم التولية مخصوص بحال الاختيار، فلو اضطر إلى ذلك لمرض أو تقية أو غيرهما جاز اتفاقا، ولنفي الحرج في الدين وسعة الحنيفة، وعلى ذلك ينبغي حمل ما رواه الصدوق في كتاب المجالس (1) بسنده فيه عن عبد الرزاق قال:
" جعلت جارية لعلي بن الحسن (عليه السلام) تسكب الماء عليه وهو يتوضأ فسقط الإبريق من يد الجارية على وجهه فشجه... الحديث " فإنه ظاهر في التولية وغسل الأعضاء، فالواجب حمله على الضرورة لمرض ونحوه، ولو حمل على صب الماء في اليد - وإن بعد عن ظاهره - فسبيله سبيل الأخبار المتقدمة الدالة على جواز الاستعانة من غير معارض، ولا ضرورة إلى حمله حينئذ على الضرورة، لعدم الدليل على الكراهة كما عرفت.
(المسألة الخامسة) لا يجوز الغسل مكان المسح ولا العكس، وهذا الحكم الثابت عندنا اجماعا فتوى ودليلا، آية ورواية، إذ مقتضى الآية الشريفة الواردة في الوضوء (2) غسل بعض ومسح بعض فالواجب الاتيان بكل منهما فيما عين فيه، وإلا لبقي تحت العهدة. لعدم الاتيان بالمأمور به، وبذلك استفاضت الأخبار:
ففي صحيح زرارة المضمر (3) قال: " لو أنك توضأت فجعلت مسح الرجلين غسلا ثم أضمرت أن ذلك هو المفترض لم يكن ذلك بوضوء ".
وفي رواية محمد بن مروان (4): " يأتي على الرجل ستون أو سبعون سنة ما قبل الله منه صلاة. قال: قلت: وكيف ذلك؟ قال: لأنه يغسل ما أمر الله بمسحه " وربما يبني القول بذلك على تباين حقيقتي الغسل والمسح باشتراط الجريان في الأول ومجرد امرار اليد في الثاني كما هو أحد القولين، إلا أن الظاهر - كما