أن الأول أقرب إلى الحقيقة، عورض بأن حملهما عليه يستلزم التخصيص في الأعمال، فإنها أعم من العبادات التي هي محل الاستدلال، فيخرج كثير من الأعمال حينئذ من الحكم.
وأما الحديث الثالث (1) فلا انطباق له على مدعاهم بالكلية، لما أوضحناه سابقا مؤيدا بتتمته وعلته (2).
نعم ربما يستدل لهم بما رواه الشيخ (رحمه الله) في كتاب الأمالي (3) بسنده فيه عن أبي الصلت عن الرضا عن آبائه (عليهم السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (لا قول إلا بعمل، ولا قول وعمل إلا بنية، ولا قول وعمل ونية إلا بإصابة السنة) وما رواه في كتاب بصائر الدرجات (4) بسنده فيه عن علي (عليه السلام) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا قول إلا بعمل، ولا عمل إلا بنية، ولا عمل ونية إلا بإصابة السنة).
فإن الظاهر من سياق الخبرين أن المراد بالعمل فيهما العبادة، وحينئذ فالنية عبارة عن المعنى الشرعي المشترط في صحة العبادة.
(المقام الثاني) - قد عرف جملة من أصحابنا النية شرعا بأنها القصد المقارن للفعل، قالوا: فلو تقدمت ولم تقارن سمي ذلك عزما لا نية. وأصل هذا التعريف للمتكلمين، فإنهم - على ما نقل عنهم - عرفوها بأنها الإرادة من الفاعل للفعل بالمقارنة له وللأصحاب (رضوان الله عليهم) في بيان المقارنة في نية الصلاة اختلاف فاحش:
قال العلامة (رحمه الله) في التذكرة: (الواجب اقتران النية بالتكبير، بأن