من صحته، ومدعى الابطال عليه الدليل، وليس فليس. وإن أراد في غير الوقت، فإنه لا يخفى أن للوضوء غايات متعددة، وإن قصد أيها كان موجب لصحة الوضوء وإن لم يقصد الصلاة، ومع ذلك فإنه يجوز له الدخول به في الصلاة.
والحق وما ذكره شيخنا المذكور (قدس سره) لما تقدم تحقيقه في المقام العاشر مما حاصله أن من نوى بوضوئه إحدى الغايات المتقدمة، فلا ريب في صحة وضوئه وجواز دخوله به في الصلاة وغيرها مما هو مشروط بالطهارة، وأن التحقيق أن الغاية الحقيقية للوضوء إنما هو قصد الرفع وأن تلك الغايات إنما تترتب عليه.
إلا أن قول شيخنا المشار إليه في آخر كلامه: " نعم لو نوى بالوضوء فعل الصلاة.. الخ " لا يخلو من مناقشة، فإنه لا يخفى أنه متى كان المكلف عالما بأنه لا يجوز له الدخول في الصلاة بغير وضوء وقد قصد بوضوئه هذا الاتيان بالصلاة بعده، فهذا هو معنى الاستباحة شرعا وإن لم يتصور هذا العنوان بخصوصه ولم يخطر بباله، إذ لا معنى لاستباحة الصلاة إلا اعتقاد كونها مباحة له بعد الوضوء وأنها لا تباح له قبله، فقصد الدخول فيها والاتيان بها بهذا الوضوء هو عين قصد الاستباحة. ولعل مبنى كلامه (قدس سره) على ما هو المشهور من تصور هذا العنوان بخصوصه وأخطاره بباله، حيث إن النية عندهم عبارة عن هذا الحديث النفسي والتصوير الفكري، وإلا فإن مرجع هذه النية التي فرضها وزعم بطلان الطهارة بها إلى ما ذكره أولا. والله العالم.
(المقام الخامس عشر) - قال السيد السند (قدس سره) في المدارك - بعد أن استدل على وجوب النية في الوضوء بآية " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين... " (1) وبالأخبار المتقدمة في المقام الأول (2) ما صورته: " واعلم أن الفرق بين ما تجب فيه النية من الطهارة ونحوها، وما لا تجب من إزالة النجاسة وما شابهها - ملتبس جدا، لخلو الأخبار من هذا البيان. وما قيل - من أن النية إنما تجب في الأفعال