في آخرها: " إنما الشك إذا كنت في شئ لم تجزه " يعني إنما الشك الموجب للعمل بمقتضاه من الاتيان بالمشكوك فيه إذا كنت في شئ لم تخرج عنه ولم تجزه، وحينئذ فالمراد بقوله في صدرها: " وقد دخلت في غيره " كناية عن مجرد الفراغ، والترجيح في المقام لا يخلو عن اشكال وإن كان القول المشهور لا يخلو من قوة.
لكن يبقى في المقام اشكال أشار إليه السيد السند في المدارك فيما إذا تعلق الشك بالعضو الأخير، لعدم تحقق الاكمال الموجب لالغاء الشك. وربما يدفع بأن الظاهر تحقق الاكمال والفراغ بمجرد أن يجد نفسه غير مشغل بالفعال الوضوء بعد تيقن التلبس به فحينئذ لو طرأ الشك لم يعتد به.
وكيف كان فالأحوط بناء على هذا القول التدارك ما لم يحصل القيام أو ما في حكمه، وبعض الأصحاب صار إلى القول الأول احتياطا، ولا ريب أنه أحوط.
(الثالث) - قد عرفت مما أشرنا إليه آنفا اشتراط الأصحاب في الاكتفاء بالاتيان بالمشكوك وما بعده عدم جفاف ما تقدم، وإلا فالواجب عندهم الإعادة تحصيلا للموالاة الواجبة. وأنت خبير بأن الظاهر من الرواية المتقدمة (2) التي هي مستند هذا الحكم الإعادة على العضو المشكوك مطلقا بدون تقييد بعدم الجفاف. وما تقدم من الروايات الدالة على تفسير الموالاة بمراعاة الجفاف لا عموم فيه على وجه يشمل ما نحن فيه حتى يخصص به هذا الاطلاق، إذ ليس صحيحة معاوية بن عمار وموثقة أبي بصير كما حققناه سابقا (2) وموردهما خاص بنفاد الماء وعروض الحاجة، ولعله إلى هذا يشير كلام الحدث الحر (قدس سره) في كتاب الوسائل حيث قال: " باب أن من شك في شئ من أفعال الوضوء قبل الانصراف وجب أن يأتي بما شك فيه وبما بعده، ومن شك بعد الانصراف لم يجب عليه شئ.. " فإنه ظاهر في مراعاة الترتيب بالاتيان بما شك فيه وما بعده أعم من أن يجف ما قبله أم لا، مع تخصيصه في كتاب البداية فيما تقدم