الابطال بالجفاف بالتراخي والتفريق كما أوضحناه هناك، والحق أن الكلام معهم (رضوان الله عليهم) يرجع إلى أصل المسألة. فإنهم حيث ذهبوا في تفسير الموالاة التي هي أحد واجبات الوضوء عندهم إلى مراعاة الجفاف مطلقا أو في صورة خاصة، بناء على الخلاف المتقدم، اتجه لهم تمشية ذلك في جملة فروع المسألة، وأما على ما حققناه آنفا من التخصيص فلا، فالكلام هنا يتفرع على ذلك. وكيف كان فالأحوط هو الوقوف على ما قرروه شكر الله تعالى اجتهادهم وأجزل اسعادهم.
(الرابع) - صرح جمع: منهم - الشهيد في الذكرى بأنه لو كثر شكه فالأقرب الحاقه بحكم كثير الشك في الصلاة دفعا للعسر والحرج، وأيده السيد السند في المدارك بقوله (عليه السلام) في صحيحة زرارة وأبي بصير (1) الواردة في من كثر شكه في الصلاة بعد أن أمر بالمضي في الشك: " لا تعودوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطيعوه، فإن الشيطان خبيث معتاد لما عود " قال: " فإن ذلك بمنزلة التعليل لوجوب المضي في الصلاة فيتعدى إلى غير المسؤول عنه " انتهى.
أقول: ويؤيده أيضا ظاهر صحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام) (2) قال: " قلت له رجل مبتلى بالوضوء والصلاة وقلت هو رجل عاقل؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): وأي عقل له وهو يطيع الشيطان؟ فقلت له وكيف يطيع الشيطان؟
فقال: سله هذا الذي يأتيه من أي شئ هو، فإنه يقول لك من عمل الشيطان " فإن الظاهر أن ابتلاءه بذلك باعتبار كثرة الشك في أفعالهما. وأما حمله على ما يشمل الوسواس في النية - كما ذكره الشارح المازندراني في شرح أصول الكافي - فظني أنه بعيد غاية البعد، لأن النية في الصدر السابق ليست على ما يتراءى الآن من صعوبة الاتيان بها ولهذا لم يجر لها ذكر في كلام السلف ولا في الأخبار كما أوضحناه سابقا على وجه واضح