ونقل عن بعض المتأخرين أنه فهم من هذا الكلام أنهم يرون وجوب تجفيف مطلق النجاسة عند تعذر إزالتها، وأن ذلك بدل اضطراري للطهارة من النجاسات كبدلية التيمم للطهارة من الأحداث، وصرح بالموافقة لهم عليه.
وفيه (أولا) - أن ما ذكروه من وجوب المسح بالحجر ونحوه هذا المقام لا دليل عليه. وما استندوا إليه في الدلالة مجرد اعتبار لا دلالة عليه في الأخبار، إذ غاية ما يستفاد منها وجوب التطهير بالغسل وصب الماء، فعند تعذر الماء يسقط التكليف رأسا. وكون الغسل مثلا مشتملا على الأمرين المذكورين لا يستلزم التكليف بأحدهما عند فقده. ولا ريب أن ما ذكروه طريق احتياط لمنع تعدي النجاسة إلى الثوب والبدن.
(وثانيا) - أن هذا القائل إن أراد - بما فهمه من كلامهم من البدلية - ثبوت التطهير بالحجر في حال الضرورة، كما يفهم من ظاهر كلامه وتمثيله ببدلية التيمم، فهو مخالف لما عرفت آنفا من الاجماع - نصا وفتوى - على عدم التطهير في الاستنجاء من البول إلا بالماء أعم من أن يكون حال ضرورة أو سعة، وعبائر هؤلاء الجماعة الذين قلدهم فيما فهم من كلامهم ناطقة بذلك، وإن أراد مجرد تجفيف النجاسة حذرا من التعدي، فقد عرفت أنه لا دليل عليه وإن كان الأولى فعله.
(السادس) - الظاهر أنه لا يجب الدلك، لما روي (أنه ليس بوسخ فيحتاج أن يدلك)) (1) ولما في الأخبار من الأمر بالصب خاصة. وفي بعضها (2) بعد الأمر بالصب (فإنما هو ماء) هذا إذا كان رطبا. فلو كان جافا متراكما فلا يبعد الوجوب. لعدم تيقن