عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " إنما الوضوء حد من حدود الله ليعلم الله من يطيعه ومن يعصيه... " فإنه صريح - كما ترى - في عصيان من زاد على الوضوء المحدود، ومن الظاهر أن العصيان إنما نشأ هنا من مخالفة الأمر في العبادة المستلزمة للابطال.
ثم لا يخفى أنه لو أمكن المناقشة في بعض هذه الأدلة أو في كل منها إلا أنه بالنظر إلى مجموعها - مع عدم المنافي لها في الأخبار، مع أن بعضها من مرويات الفقيه الذي ضمن مصنفه في صحة ما يرويه، كما اعتمدوا على ذلك في غير موضع من كلامهم، مضافا إلى قول الشيخين المعتمدين بذلك لا يبقى لتطرق الشك في الحكم المذكور وجه، وقد مر أيضا ما يؤكده ويزيده تأييدا.
(المسألة الثانية) - الظاهر أنه لا خلاف بين أصحابنا (نور الله تعالى مراقدهم) في وجوب الموالاة كما ادعاه جماعة، إنما الخلاف في معناها، فقيل إنها مراعاة الجفاف بمعنى أنه لا يؤخر بعض الأعضاء عن بعض بمقدار ما يجف ما تقدمه، وقيل إنها عبارة عن المتابعة اختيارا ومراعاة الجفاف اضطرارا.
وهل الاخلال بالمتابعة المذكورة هنا موجب للإثم خاصة أو للبطلان أيضا؟ قولان لأصحاب هذا القول، والمشهور عندهم الأول، وبه صرح العلامة في جملة من كتبه والمحقق في المعتبر، وظاهر المبسوط الثاني، وحينئذ ففي المسألة أقوال ثلاثة.
وظاهر المحقق الشيخ علي في شرح القواعد انكار القول الثالث، فإنه بعد أن نقل القولين ونقل عن بعض حواشي الشهيد قولا ثالثا جامعا بين التفسيرين قال:
" وعندي أن هذا هو القول الأول، لأن القائل به لا يحكم بالبطلان بمجرد الاخلال بالمتابعة ما لم يجف البلل، فلم يبق لوجوب المتابعة معنى إلا ترتب الإثم على فواتها، ولا يعقل تأثيم المكلف بفواتها إلا إذا كان مختارا، لامتناع التكليف بغير المقدور " انتهى.
ويظهر ذلك أيضا من المختلف حيث لم ينقل فيه إلا القول بمراعاة الجفاف والقول بالمتابعة من غير تعرض لكلام المبسوط، وأنت خبير بأن عبارة الشيخ في المبسوط