فقيل بأنه ما يتخلف على المحل بعد مسح النجاسة وتنشيفها، وأنه غير الرطوبة لأنها من العين.
واعترض عليه بأن هذا المعنى غير متحقق ولا واضح، وعلى تقدير تحققه فوجوب إزالته إنما يتم مع عدم صدق النقاء والاذهاب والغسل، وإلا فلو صدق شئ من ذلك قبله لزم الاكتفاء به حسبما دلت عليه تلك الأخبار.
وأجاب بعض محدثي متأخري المتأخرين عن أصل الاعتراض بأن المحل يكتسب ملوسة من مجاورة الخارج، وهذه الملوسة تدرك بالملامسة عند صب الماء، فلعل مراده هذه، فإنها غير الرطوبة المذكورة. وفيه من التمحل ما لا يخفى.
وقيل إنه اللون، لأنه عرض لا يقوم بنفسه، فلا بد له من محل جوهري يقوم به، والانتقال على الأعراض محال، فوجوده حينئذ دليل على وجود العين.
وفيه (أولا) - النقض بالرائحة، فإنها تحصل بالمجاورة. ومما يؤيد عدم الاستلزام أيضا حدوث الحرارة في الماء بالنار والشمس.
و (ثانيا) - تصريح الأصحاب والأخبار بالعفو عن اللون.
و (ثالثا) - منع وجوب الإزالة بعد حصول الانقاء والاذهاب والغسل كما عرفت، إذ هو غاية ما يستفاد وجوبه من الأخبار.
(الخامس) - المشهور - بل ادعي عليه الاجماع - أنه يكفي في الاستنجاء مع عدم التعدي كل جسم طاهر جاف قالع للنجاسة. ونقل عن سلار أنه لا يجزئ في الاستجمار إلا ما كان أصله الأرض. وعن ابن الجنيد أنه قال: (إن لم تحضر الأحجار تمسح بالكرسف أو ما قام مقامه. ثم قال: ولا اختار الاستطابة بالآجر والخزف إلا ما ألبسه طين أو تراب يابس) وعن المرتضى أنه قال: (يجوز الاستنجاء بالأحجار أو ما قام مقامها من المدر والخزف).