ولا مندوحة عن ارتكاب التأويل في الروايات المذكورة وحمل الموثقة على ما ذكرنا لاطباق الأصحاب على أن محل الرجوع مدة كون على وضوئه كما هو مقتضى الصحيحة المذكورة.
(الثاني) - هل الحال الذي يتلافى المشكوك فيها عبارة عن حالة الاشتغال بالوضوء فلو فرغ منه وإن بقي في محله لا يلتفت حينئذ وأن التقييد بالقيام والصيرورة إلى حال أخرى - كما اشتملت عليه صحيحة زرارة المتقدمة - إنما خرج مخرج الغالب من أن المتوضئ إذا فرغ من وضوئه فالغالب أنه يقوم من محله أو يتشاغل بحالة أخرى، أو أنه عبارة عن البقاء في موضع وضوئه إلى أن يقوم أو يتشاغل بأمر آخر ما لم يطل القعود حملا لتلك الألفاظ المذكورة على ظاهرها؟ قولان: ظاهر الذكرى والدروس الثاني، وبالأول صرح جمع من المتأخرين: منهم - ثاني المحققين وثاني الشهيدين في شرح القواعد والروض وشرح الرسالة والسيد السند في المدارك، بل الظاهر أنه المشهور في كلام المتأخرين، واستظهره في كتاب رياض المسائل وحمل الصحيحة المتقدمة وما أشبهها من عبائر متقدمي الأصحاب على الخروج مخرج الغالب. وظاهر المولى الأردبيلي (قدس سره) في شرح الإرشاد التوقف في ذلك بعد نسبة ذلك إلى ظاهر الأصحاب، حيث قال بعد كلام في المسألة: " ولكن هنا خفاء في أن المراد بعدم الالتفات بعد الانصراف ما هو؟ ظاهر الأصحاب أن مجلد الفراغ يوجب ذلك، وفي بعض الأخبار قيد بقوله:
إذا فرغ وانتقل ودخل في شئ آخر مثل الصلاة وغيره، فهو محل تأمل وإن كان ظاهر بعض الأدلة ما ذكره الأصحاب " انتهى. ولعله أشار بظاهر بعض الأدلة الدال على ما ذكره الأصحاب إلى حسنة بكير قال (1): " قلت له: الرجل يشك بعد ما يتوضأ؟ قال هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك " فإنها صريحة في عدم الالتفات إلى الشك بعد اكمال الوضوء وإن لم يحصل الانتقال إلى حالة أخرى، وموثقة ابن أبي يعفور المتقدمة حيث قال