و (ثانيهما) - أن الآية تدل - بمفهوم الشرط الذي هو حجة صريحة، أما عندهم فلما استدلوا به عليه في الأصول، وأما عندنا فلما دلت عليه الأخبار من حجيته - على عدم وجوب الوضوء عند عدم إرادة القيام، فلا يكون واجبا لنفسه.
أجاب الفاضل المتقدم ذكره بأن فيه أن المسلم حجية مفهوم الشرط إذا لم يكن للتعليق بالشرط فائدة أخرى سوى التخصيص، وههنا ليس كذلك، إذ يجوز أن تكون الفائدة ههنا بيان أن الوضوء واجب لأجل الصلاة وإن كان واجبا في نفسه، فيكون الغرض متعلقا بالوجوب العارض له حين إرادة الصلاة باعتبار التوصل به إليها وكونه من مصالحها.
ويرد عليه ما تقدم، فإن مبنى كلامه على تجويز اجتماع الوجوبين، وقد عرفت ما فيه، ومن المعلوم أن الواجب لنفسه لا يحسن بل لا يجوز تعليقه على غيره، إذ قضية التعليق هو الوجوب الغيري، فإنا لا نعني به إلا ترتب وجوب شئ على آخر، ولو كان واجبا في نفسه لم يحسن هذا الترتب البتة. وبالجملة أنه قد سلم الوجوب الغيري، وهو يقتضي التعليق المذكور، وما يدعيه من الوجوب النفسي الثابت معه فنحن نمنعه، والمانع مستظهر.
(الثالث) - أن ما أورده (قدس سره) على الآية - بقوله: (أن أقصى ما تدل عليه الآية.. الخ) - فالجواب عنه من وجوه:
(أحدها) - أنه يكفينا - في الاستدلال على ما ادعينا من الوجوب الغيري ونفي الوجوب النفسي - ما ذكرنا من التقرير المتقدم، ولزوم الوجوب بالإرادة ولو قبل الوقت - مع كونه لا مدخل له في صحة ما اعتمدناه من الاستدلال - يكفينا في نفيه الاجماع على عدمه من الطرفين، فالتقريب في الآية يتم بضم الاجماع.
و (ثانيها) - ما أفاده بعض الأعلام من أن التعبير عن الإرادة بالقيام يعطي المقارنة كما فهمه بعض المفسرين، وإذ قام الدليل على عدم اعتبارها حمل على الأقرب