من قيل الثاني، لأن المذي أن لم نقل بأنه مخصوص بما يخرج عقيب الشهوة كما أسلفنا، وحينئذ فلا يكون من قبيل تعارض المطلق والمقيد، فلا أقل من أن يكون الغالب منه هو ما يكون عقيب الشهوة. وحينئذ فحمل تلك الأخبار المستفيضة المتكاثرة على ما هو الفرد النادر الغير المتعارف أشد خلافا للظاهر البتة من حمل تلك الروايات المخالفة على التقية كما اخترناه، أو الاستحباب كما نقلناه.
و (أما ثالثا) - فلأن صحيحة ابن أبي عمير (1) دلت على نفي الوضوء في المذي من الشهوة. وارسالها غير ضائر، لما تقرر عندهم من عد مراسيله في جملة المسانيد، فلا ينافي إرسالها الصحة سيما مع كونه رواها عن غير واحد من أصحابنا مما يؤذن باستفاضة الحكم بذلك. هذا ما اقتضاه النظر. والاحتياط في كل مقام من أعظم المهام.
و (منها) - التقبيل، ومس الفرجين ظاهرا أو باطنا من محلل أو محرم، والقهقهة ولو في الصلاة، والحقنة والدم الخارج من السبيلين المشكوك في مصاحبة الناقض له خلافا لابن الجنيد في الأول مقيدا بكونه عن شهوة وكونه لمحرم، وفي الثاني مقيدا له بالباطن في فرجيه وبالباطن في فرج الغير بشرط الشهوة من المحلل والمحرم، وللصدوق أيضا في الثاني بالنسبة إلى الانسان نفسه في باطن دبره وإحليله، ولابن الجنيد في الثالث مقيدا له بكونه في الصلاة متعمدا لنظر أو سماع ما أضحكه، وفي الرابع والخامس، مع أنه سلم أن الدم الخارج من السبيلين إذا علم خلوه من النجاسة لا يعد ناقضا.
واحتج على الأول برواية أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) قال:
(إذا قبل الرجل المرأة من شهوة أو مس فرجها أعاد الوضوء).
وعلى الثاني بالرواية المذكورة، وبموثقة عمار (3) قال: (سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يتوضأ ثم يمس باطن دبره. قال: نقض وضوءه. وإن مس باطن