(المقام الرابع عشر) - نقل عن بعض متأخري المتأخرين أن من لم يكن من نيته فعل الصلاة بعد الوضوء لا يجوز له الوضوء ولو فعله كان باطلا، بل لو كان من نيته فعل الصلاة ولم يفعلها تبين بطلانه.
ونقل عن فخر المحققين (رحمه الله تعالى) أن من كان بالعراق ونوى بوضوئه استباحة الطواف صح وضوؤه، ومثله نقل عن الشهيد في البيان.
واستشكله المحقق الشيخ علي (قدس سره) بأنه نوى أمرا ممتنعا فكيف يحصل له؟
وأجيب بأن المنوي ليس وقوع الطواف بالفعل بل استباحته، فالمنوي غير ممتنع والممتنع غير منوي.
وتوضيحه - على ما حققه شيخنا البهائي (قدس سره) في بعض فوائده - أنه لا ريب أن كون المكلف على حالة يتمكن معها من الدخول في عبادة مشروطة بالطهارة - كالصلاة والطواف مثلا - أمر راجح في نظر الشارع، فلو توضأ المكلف بقصد صيرورة الصلاة مباحة له - أعني حصول تلك الحالة - فينبغي أن تحصل له، وكونه يأتي بعد ذلك بالصلاة أو لا يأتي أمر خارج عن القصد المذكور، فإن حصول تلك الحالة أمر مغاير لفعل الصلاة بغير مرية. نعم لو نوى بالوضوء فعل الصلاة مجردا عن استباحتها ولم يكن من قصده فعلها، لكان متلاعبا بنيته. فلا بعد في القول بفساد طهارته حينئذ.
أقول: لا يخفي ما في كلام البعض المذكور من الضعف والقصور:
(أما أولا) - فلعدم الدليل على ما ذكره، بل الدليل على خلافه واضح السبيل و (أما ثانيا) - فلما فيه من الاجمال بل الاختلال، فإنه إن أراد بذلك ما لو كان في الوقت، فإنه لا يخفى أن الواجب عليه هو الوضوء والصلاة، والاتيان بأحد الواجبين وإن لم يأت بالآخر بعده غير مضر بصحته. فمن أين له أنه لا يجوز له الوضوء وهو مخاطب به وواجب عليه؟ غايته أنه تجب عليه الصلاة معه ولكن وجوب الصلاة موسع عليه، وحينئذ فلو توضأ في أول الوقت لأجل أن يصلي في آخره فلا مانع