أقول: قال في الفقيه (1) (زكاة الوضوء أن يقول المتوضئ: اللهم إني أسألك تمام الوضوء وتمام الصلاة وتمام رضوانك والجنة، فهذا زكاة الوضوء).
ويحتمل أن يكون اطلاق الزكاة عليه إما باعتبار نمو التطهير فزيادته وكماله بسببه أو باعتبار أنه سبب لقبول الوضوء كما أن الزكاة سبب لقبول الصلاة والصوم.
الفصل الثاني في كيفية الوضوء الواجبة، وهي تعتمد أركانا خمسة:
الركن الأول - النية ولا ريب أن النية - في جملة أفعال العقلاء العارية عن السهو والنسيان - مما يجزم بتصورها بديهة الوجدان، لارتكازها في الأذهان، فهي في التحقيق غنية عن البيان، فعدم التعرض لها أحرى بالدخول في حيز القبول، ومن ثم خلا عن التعرض لها كلام متقدمي علمائنا الفحول، وطوي البحث عنها في أخبار آل الرسول، إلا أنه لما انتشر الكلام فيها بين جملة من متأخري الأصحاب، وكان بعضه لا يخلو من اشكال واضطراب، أحببنا الولوج معهم في هذا الباب، وتنقيح ما هو الحق عندنا والصواب جريا على وتيرتهم (رضوان الله عليهم) فيما قعدوا فيه وقاموا، وأسامة لسرح اللحظ حيث أساموا. وقد أحببنا أن نأتي على جملة ما يتعلق بالنية من الأحكام بل كل ما له ارتباط بها في المقام ونحو ذلك مما يدخل في سلك هذا النظام على وجه لم يسبق إليه سابق من علمائنا الأعلام وفضلائنا العظام، فنقول: البحث فيها يقع في مقامات:
(المقام الأول) - لا ريب في وجوب النية في الوضوء بل في جملة العبادات، والوجه فيه أنه لما كان الفعل من حيث هو ممكن الوقوع على أنحاء شتى - ولا يعقل انصرافه إلى شئ منها إلا بالقصد إلى ذلك الشئ بخصوصه، ولا يترتب عليه أثره