المنار ساطع الأنوار، والوسواس فيها إنما حدث بما أحدثه متأخرو أصحابنا (رضوان الله عليهم) من البحث فيها وفي قيودها والمقارنة بها ونحو ذلك.
(الخامس) - الظاهر - كما صرح به بعض محققي المتأخرين - أن عدم الالتفات إلى ما شك فيه وتركه رخصة لا أنه يحرم فعله، وكذا في صورة تيقن الطهارة والشك في الحدث، لعموم الاحتياط الموجب المشي على الصراط الذي هو عبارة عن الاتيان بما يتيقن به الخروج عن العهدة على جميع الاحتمالات. ويحتمل الثاني لعموم قوله (عليه السلام) في موثقة بكير (1): " إذا استيقنت أنك أحدثت فتوضأ، وإياك أن تحدث وضوءا أبدا حتى تستيقن أنك قد أحدثت " والظاهر حمل الخبر المذكور على المنع عن أحداث الوضوء على سبيل الوجوب والحتم، لعدم العمل به على ظاهره اجماعا نصا وفتوى.
(المسألة الرابعة عشرة) - لو شك في الطهارة مع تيقن الحدث أو تيقنها مع الشك فيه، بنى على يقينه في الموضعين اجماعا نصا وفتوى.
ومن الأخبار الواردة في ذلك موثقة بكير المتقدمة، وصحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) (2) في حديث قال فيه: " قلت: فإن حرك إلى جنبيه شئ ولم يعلم به؟
قال: لا حتى يستيقن أنه قد نام حتى يجئ من ذلك أمر بين، وإلا فإنه على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين أبدا بالشك ولكن ينقضه بيقين آخر ".
إذا عرفت ذلك ففي المقام فوائد ثلاث: (الأولى) - المفهوم من كلام أصحابنا (رضوان الله عليهم) استثناء صورة واحدة من هذه القاعدة، وهو ما إذا بال ولم يستبرئ ثم خرج بلل مشتبه، فإنهم صرحوا بوجوب الوضوء في الصورة المذكورة بلا خلاف، بل عن ابن إدريس دعوى الاجماع عليه، ويدل عليه مفهوم قول الصادق (عليه السلام)