ما ترى، فانصرف الندماء وصار المجلس مأتما، فأقبل علي سابور فقال: انظر هل لك فيه حيلة؟ فدعوت بشمعة فنظرت فإذا كبده وطحاله ورئته وفؤاده خرج منه في الطشت، فنظرت إلى أمر عظيم، فقلت: لا أجد إلى هذا صنعا إلا أن يكون عيسى الذي كان يحيى الموتى. فقال لي سابور: صدقت ولكن كن ههنا في الدار إلى أن يتبين ما يكون من أمره، فبت عندهم وهو بتلك الحال ما رفع رأسه، فمات في وقت السحر. قال محمد بن موسى: قال لي موسى بن سريع: كان يوحنا يزور قبر الحسين (عليه السلام) وهو على دينه، ثم أسلم بعد هذا وحسن اسلامه).
وأما القرآن العزيز وما كتب عليه شئ من أسمائه تعالى، فلما مر من وجوب صونهما عمن ليس بطاهر، فعن ملاقاة النجاسة بطريق أولى. ولظاهر قوله تعالى:
(في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة) (1) وقوله: (يتلو صحفا مطهرة..) (2).
وما كتب عليه شئ من علوم الدين فلدخوله في الشعائر المأمور بتعظيمها في قوله تعالى: (ومن يعظم شعائر الله...) (3) وأن لا تحل، لقوله: (لا تحلوا شعائر الله...) (4) وتردد فيه بعض محققي متأخري المتأخرين وجعل التحريم احتمالا قويا.
و (ثانيهما) - أنه مع الاستنجاء بما ثبت تحريم الاستنجاء به هل يطهر المحل وإن أثم بالاستعمال، أو لا يطهر؟ قولان، وإلى الأول ذهب العلامة في المنتهى والمختلف والتذكرة والقواعد، وإلى الثاني ذهب الشيخ وابن إدريس والمحقق.
وظاهر شيخنا الشهيد الثاني في الروض التفصيل في ذلك بين ما يوجب استعماله الحكم بكفر فاعله، كاستعمال التربة الحسينية والمكتوب عليه شئ من أسماء الله تعالى، أو العلم كالحديث والفقه عالما وعامدا، فلا يتصور الطهارة به حينئذ، وبين ما لا يوجب إلا مجرد الإثم كالمطعوم والعظم والروث، أو لا يوجب شيئا كاستعمال التربة وما عليه