فيما به يتحقق ذلك، ومن ثم كثر السؤال عنه في الأخبار، كما يدل عليه أخبار الخفقة والخفقتين ونحوها، فجعلوا (عليهم السلام) له مناطا يعلم به وحده يرجع إليه، وهو غلبته على العقل تارة وعدم السماع أخرى، وربما جمعوا بينهما، وحينئذ فهذه الأشياء لا تصلح لعلية النقض مطلقا، لأن الشارع إنما جعلها مناطا لاستعلام الناقض، فتعدية النقض إليها - والغاء خصوصية النوم من البين - أمر لا أثر له في الأخبار ولا عين.
وبعض فضلاء متأخري المتأخرين - حيث ضاق عليه المجال في المقام بما وقع فيه من النقض والابرام - تشبث بذيل الاجماع. وأنت خبير بما فيه من المناقشة والنزاع نعم روى في كتاب دعائم الاسلام (1) عن جعفر بن محمد عن آبائه (عليهم السلام):
(أن الوضوء لا يجب إلا من حدث، وأن المرء إذا توضأ صلى بوضوئه ذلك ما شاء من الصلوات ما لم يحدث أو ينم أو يجامع أو يغم عليه أو يكون منه ما يجب منه إعادة الوضوء) إلا أن الكتاب المذكور قد عرفت ما في الاعتماد عليه فيما سبق (2).
هذا ما يقتضيه النظر في أدلة المسألة، والاحتياط مما لا تهمل المحافظة عليه.
وأما ما بعض أقسام المستحاضة الذي هو أحد أسباب الوضوء فسيأتي تحقيقه في محله (البحث الثالث) - الأشهر الأظهر أنه لا يوجب الوضوء غير ما قدمنا ذكره وههنا أشياء قد اختلفت فيها الأخبار، وبذلك وقع الاختلاف فيها بين علمائنا الأبرار.
(فمنها) - المذي، والمشهور عدم ايجابه الوضوء، وذهب ابن الجنيد إلى أنه متى كان من شهوة أوجب الوضوء، وربما أشعر كلام الشيخ في التهذيب بموافقته له فيما إذا كان كثيرا خارجا عن المعتاد، لكن الظاهر أنه لا يثبت بمجرد ذلك كونه مذهبا له، فإنه ذكره في مقام الاحتمال للجمع بين الأخبار، ومثله لو عد مذهبا له لم تنحصر مذاهبه.
والأخبار الدالة على القول المشهور متكاثرة: